الصيدلاني
ماهر زيدو**
لمحة
عن
المستشفيات
في الدولة
الاسلامية
كان
يطلق عليها
البيمارستانات،
وكانت أحد
المظاهر
المهمة لتقدم
الرعاية
الطبية لدى
المسلمين. وقد
عرف العالم
الإسلامي هذه
المستشفيات
منذ عهد
الرسول
وبالتحديد إبان
غزوة الخندق
(5هـ، 627م)؛ عندما
أمر بضرب خيمة
متنقلة
للصحابية
رفيدة بنت سعد
الأسلمية، وكانت
أول مستشفى
حربيًا
متنقلاً
لتطبيب الجرحى.
وعرف
المسلمون
نوعين من
البيمارستانات:
المتنقلة
والثابتة.
وكانت
المتنقلة
منها أسبق،
وكانت تنقل من
مكان إلى آخر
في ضوء الحاجة
إليها
كانتشار
الأوبئة أو
بسبب الحروب كما
حدث في غزوة
الخندق. وكانت
هذه
البيمارستانات
تجهز بمعظم
مستلزمات
المستشفى
الثابت من حيث
الأدوات
والعقاقير
والطعام
والشراب والأطباء،
وكانت تنقل من
منطقة إلى
أخرى حيث لا
توجد
بيمارستانات
ثابتة.
وبتطور
شكل الدولة
صارت تصحب
الملوك
والأمراء في
رحلاتهم للقنص
والحج
وخلافهما.
وبلغت ضخامة
بعض هذه البيمارستانات
أن كانت
تحملها قافلة
من الإبل مكونة
من 40 جملاً.
وكان السلطان
الظاهر برقوق
(ت 801هـ، 1398م)
يصطحب مستشفى
محمولاً
كبيرًا جدًا.
وظهرت فكرة
المستشفيات
المتنقلة بشكلها
المنتظم في
العهد
العباسي؛ ففي
عهد الخليفة
المقتدر تأسس
أول مستشفى
مدني متنقل
ليعالج
المرضى في شتى
مناطق
الخلافة. أما المستشفيات
الثابتة
بشكلها
المكتمل فقد
عرفت لأول مرة
في عهد الوليد
بن عبدالملك
(88هـ، 706م) وجعل
فيها الأطباء
وأجرى لهم
الأرزاق،
وأمر ببناء
مستشفى
لمعالجة
المجذومين
وحبسهم حتى لا
يمدوا أيديهم
بالسؤال،
وخصص لكل ضرير
دليلاً ولكل
مُقعد خادمًا.
وباتساع رقعة
الدولة الإسلامية
كثرت
البيمارستانات
الثابتة لا سيما
في المدن
الكبرى مثل
بيمارستان
هارون الرشيد
في بغداد،
وكان يرأسه
ماسويه
الخوزي، من
أطباء
بيمارستان
جنديسابور.
وكان بها
أيضًا بيمارستان
البرامكة،
وكان يقوم
بالطبابة فيه
ابن دهني،
وبيمارستان
ابن طولون،
وهو أول مستشفى
من نوعه في
مصر، وكان
ممنوعًا فيه
علاج الجنود
والمماليك،
وكان أحمد بن
طولون يشرف بنفسه
عليه ويزوره
كل يوم جمعة.
ومن أهم
البيمارستانات
التي أنشئت في
مصر: زقاق
القناديل،
العتيق،
القشايش،
السقطيين،
الناصري، الإسكندرية،
الكبير
المنصوري،
والمؤيدي. ومن
أهمها في
الشام
البيمارستان
النوري
الكبير،
والقيمري،
وآراغون،
وأنطاكية،
وحماة، والقدس،
وعكا. وازداد
عدد هذه
البيمارستانات
في عهد الأيوبيين
والمماليك
خاصة في الشام
والعراق. ويعود
ذلك إلى
الظروف التي
طرأت بسبب
الحروب الصليبية،
ولم تخل بلدة
آنذاك من
مستشفى متنقل
أو ثابت.
نور
الدين الشهيد
عظيم
من عظماء
حضارتنا
لم
يتحدث
التاريخ عن
أمجاد أمة من
الأمم في العصور
الوسطى، كما
تحدث عن أمجاد
الأمة
العربية. ولم
يحوِ تاريخ
أمة من
العظماء والقادة
كما يحوي
تاريخ
المسلمين،
وأمجاد الأمة
العربية
تستبين من
تاريخها
العام، وعظماء
الإسلام
يظهرون من
سيرهم، ونور
الدين محمود
بن عماد الدين
زنكي، هو واحد
من العظماء المسلمين،
وأحد بناة
الأمجاد
العربية
الإسلامية الخالدة
في القرن
السادس
الهجري.
ولد نور
الدين عام 511
للهجرة. ونشأ
نشأة عسكرية كأبيه،
إلا أنه كان
يفوق أباه تقى
وورعاً، والمؤرخون
المسلمون
المعاصرون له
يتحدثون كثيراً
عن تدينه
وزهده وتمسكه
بالشعائر
الإسلامية،
حتى ليُظن أنه
أقرب إلى رجل
الدين منه إلى
رجل الحرب
والكفاح. ولكن
الواقع، أن
نور الدين إلى
جانب تقاه،
وحرصه على حكم
بلاده
بالقرآن والسنة،
كان أيضاً رجل
حرب وقتال،
فهو يحمل
القرآن في
صدره ويعمل
بأحكامه،
ويشرع السيف
في يمينه
يجاهد به
الصليبيين
بالشام،
ويسترد بجيوشه
البلاد التي
سلبوها من
أصحابها
المسلمين، علاوة
على أنه كن
رجل سياسة،
يعرف كيف يحكم
دولته
الواسعة
الأرجاء،
التي كانت
تمتد من الموصل
شرقاً إلى
القاهرة
غرباً، حكماً
مستنيراً
حكيماً لا
يزال صداه
يطرق أسماع
التاريخ.
وكان
عماد الدين،
والد نور
الدين، آخر من
ولى إمارة
الموصل،
كأمير من
أمراء
السلاجقة سنة 521.
وكان عند عماد
الدين من
الطموح ما
أهله لأن يكون
منشئ دولة
عرفت باسمه.
وإن كان عماد
الدين لم
يمهله الأجل
حتى يمد
أطرافها إلى
الحدود التي
كان يقدرها
لها، إلا أن
ابنه نور
الدين، حمل
عاتقه
استكمال ما
انتهى إليه
أبوه، حتى أصبحت
الدولة
الزنكية –أو
الدولة الأتابكية-
تشمل الموصل،
والجزيرة
العراقية، والشام،
ومصر،
واليمن، بعد
أن كانت تشمل
الموصل،
والجزيرة،
وبعض بلاد
الشام فقط، في
عهد عماد
الدين.
توفى
عماد الدين
والد نور
الدين عام 541
هـ، بعد أن
ترك وراءه
سيرة جليلة
جديرة
بالدراسة. فهو
أول من وقف في
وجه
الصليبيين منذ
أن وطأوا أرض
الشام عام 490 هـ
وقوفاً جاداً حاسماً،
حتى استطاع أن
يسترد كثيراً
من البلاد
التي سلبوها
من أصحابها
المسلمين،
واستطاع
أيضاً أن
يسترد سنة 539
مدينة الرها
التي كانت
إحدى إمارات
الصليبيين
الأربع
الكبرى، وبسقوط
الرها زلزلت
أقدام
الصليبيين
بالشام،
واعتبروا
خروجها من
أيديهم بداية
نهايتهم فيها.
والعمل
الجليل
الثاني الذي
قام به عماد
الدين عندما
ولى الموصل،
هو تكوينه
دولته من إمارات
الجزيرة
المشتتة،
والتي يحكمها
عدة أمراء
متنافسون
متحاسدون
وكذلك من بعض
إمارات الشام،
ولم يكن حالها
بأحسن من حال
الجزيرة،
فكان هذا
الوضع في
الجزيرة
والشام، أحد
الأسباب
الواضحة في
نجاح
الصليبيين في
التوغل في بلاد
الشام
والاستيلاء
عليها، لأنهم
لم يجدوا قوة
موحدة تستطيع
الوقوف
أمامهم وصد
زحوفهم، فلما
ولى عماد
الدين
الموصل، عمل
على تجميع هذه
الإمارات في
يده، وكوَّن
منها دولته، وبهذه
الدولة
الموحدة
القوي استطاع
عماد الدين أن
يواجه
الصليبييين
وأن ينتصر
عليهم. وكان
عماد الدين
يحرص على ضم
دمشق إلى
دولته، وجعلها
عاصمة لها
ومركز
المقاومة
الإسلامية للعدو
الدخيل،
وليستكمل
الوحدة بين
الموصل والجزيرة
والشام، ولكن
الموت عاجله
في سنة 541 قبل أن
يحقق هذه
الوحدة.
وبموت
عماد الدين،
انتقل عبء
مجاهدة
الصليبيين،
واستكمال
عملية
التوحيد إلى
ابنه الثاني
نور الدين دون
ابنه الأكبر
سيف الدين
غازي، ذلك لأن
الدولة
انقسمت بوفاة
عماد الدين إلى
قسمين: الغربي
منها كان من
نصيب سيف
الدين غازي
وقاعدتع
الموصل، والشرقي
كان من نصيب
نور الدين
وقاعدته حلب،
وهو القسم
الذي يدخل في
صميم المجال
الصليبي، فكان
طبيعياً أن
يقع على عاتق
نور الدين أمر
مجاهدتهم،
وذلك لبعد سيف
الدين عن هذا
المجال.
ونحن لا
نريد في هذه
العجالة أن
نتحدث عن نور الدين
بالتفصيل،
وإن كانت
سيرته من
السير الجليلة
التي يستحب
فيها التفصيل
والإطالة،
وإنما هدفنا
هنا، إبراز ما
حققه نور
الدين من
أعمال ذات
نتائج خطيرة
وهامة، في مدى
الثلاثين
عاماً التي
عاشها كرئيس
دولة فتية
قوية، حتى قضى
نحبه في سنة 569
هـ.
وأجلّ
أعمال نور
الدين تبرز في
الأمور الثلاثة
الآتية:
1. جهاده
للصليبيين.
2. استكمال
تكوين الدولة
الزنكية.
3. النهضة
الإصلاحية في
عهده
النهضة
الإصلاحية في
عهد نور
الدين:
وإذا
كان نور الدين
امتاز
بالبراعة
السياسية
والحربية،
فإنه كان إلى
جانب ذلك
مصلحاً اجتماعياً
كبيراً،
وصاحب نهضة
رائعة، تدين
له الدولة
بالكثير من
الإصلاحات في
جميع النواحي.
ولسنا على
كل حال
بمستطيعين أن
نمير أي عمل
من أعمال نور
الدين
الإصلاحية عن
غيره من الأعمال،
فكل عمل عمله
نور الدين
يستحق
الإعجاب والتقدير.
فإذا
اتجهنا إلى
اهتمامه
بمصالح
رعيته، وجدناه
يعمل على
راحتهم
وطمأنينتهم
على معايشهم
ويتسير سبل
الحياة
الطيبة لهم.
وجد نور
الدين أن
الخمور
منتشرة في
بلاده، والخمر
أسس البلاد
وأم الكبائر،
فأصدر أمره بمنع
دخولها في
جميع أنحاء
مملكته، وكان
يحدّ شاربها
الحدّ
الشرعي، لا
فرق إن كان
شاربها غنياً
أو فقيراً،
كبيراً أو
صغيراً،
فالكل عنده
سواء.
وكان
يريد للناس
صفاء
العقيدة،
والإيمان الحقيقي،
لا يضللهم
مضلل أو
يفسدهم مبتدع.
فكان يضرب على
يد كل مبتدع
يعمل على
إفساد عقائد
الناس،
وينفيه
بعيداً يلقى
جزاء ضلاله.
أما
تخفيفه على
الناس
معايشهم،
فإنه أسقط جميع
المكوس
والعشور من
بلاده ولم
يسْتبْقِ سوى
الخراج
والجزية، على
كثرة ما كان
يجمع من هذه
المكوس
والعشور.
ومنع عن
رعاياه ظلم
قواده
وأمرائه. ولما
رأى نور الدين
أن الشكوى قد
كثرت من أتباع
قائده أسد
الدين
شيركوه، أمر
بإنشاء دار
العدل لمحاكمة
الظالمين،
فلما علم أسد
الدين بذلك،
أمر أتباعه
برد المظالم
إلى أهلها وشدد
عليهم في ذلك،
خوفاً من أن
يحمله نور الدين
مسئولية ظلم
أتباعه،
فيطلبه إلى
المحاكمة
العلنية
فتضيع هيبته
وتضعف مكانته
عند الناس،
فنفذ أتباعه
ما أمرهم به،
وردوا إلى
الناس حقوقهم.
ولما تم بناء
دار العدل،
كان نور الدين
يجلس فيها
يومين في
الأسبوع
للفصل في الخصومات
بحضوره.
ومنع
نور الدين
تعدّي الجند
والعسكر على
أحد من الناس.
فكانت أوامره
لرجال جيشه
صارمة بوجوب
احترام حقوق
الناس في
أموالهم
وأرواحهم وأعراضهم
وعدم التعدي
عليها. ومن
ناحية أخرى كان
يوفر لجنده
احتياجاته
المعاشية،
فكان الجند لا
يمدون يد
الأذى إلى أحد،
إما خوفاً من
نور الدين
وإما قناعة.
ووجه نور
الدين
اهتمامه إلى
الناحية
الصحية اهتماماً
كبيراً،
فأنشأ
البيمارستانات
في بلاده،
وأشهرها
البيمارستان
النوري بدمشق،
وجعله للناس
كافة فقراء
وأغنياء،
وزود البيمارستانات
بالأدوية
والعقاقير
والأطباء والخدم،
وأوقف عليها
الأوقاف
الكثيرة
للإنفاق
عليها.
أما
اهتمامه
بالتعليم
ونشره في
بلاده وبين رعاياه،
فقد سار فيه
شوطاً
بعيداً،
فأكثر من إنشاء
المدارس في
جميع أنحاء
مملكته،
وأحضر إليها
كبار
المدرسين،
واهتم بدمشق
بصفة خاصة،
فبنى فيها دار
الحديث
خصيصاً
للعالم المؤرخ
الكبير الحافظ
ابن عساكر.
يقول ابن
الأثير
المؤرخ، أنها أول
دار للحديث
بنيت في
الإسلام على
ما يعلم. ولم
ينسَ نور الين
الفقراء
واليتامى
فأعطاهم
نصيبهم من
التعليم،
فأنشأ لهم
المكاتب، وأجرى
عليهم وعلى
معلميهم
الرواتب
والجرايات الوافرة.
كذلك
اهتم
اهتماماً
كبيراً
بالجوامع والمساجد،
فبنى منها
الكثير
يسيراً على
المسلمين
لأداء فريضة
الصلاة،
واعتنى بحسن
هندستها
وبنائها،
خاصة الجامع
الذي بناه
بالموصل، فقد
بلغ "النهاية
في الحسن
والاتقان". وكذلك
جامع حماة
فكان "من أحسن
الجوامع
وأنزهها".
ورتب في هذه
الجوامع من
يقرأ بها
القرآن.
أما الوقوف
الخيرية التي
وقفها على
البيمارستانات
والمدارس
والمكاتب
والجوامع،
فقد بلغت مبلغاً
كبيراً. يذكر
المؤرخ ابن
الأثير، أن وقوفه
بلغت حتى سنة 608
هـ في كل شهر
تسعة آلاف دينار
صورية.
واعتنى
نور الدين
بتأمين
المسافرين
والتجار على
أرواحهم
وأموالهم من
اللصوص وقطاع
الطريق، فبنى
الخانات
الكثرة في
الطرق "فأمن
الناس وحفظت
أموالهم
وباتو في
الشتاء في كن
من البرد
والمطر". كذلك
أمّن الطرق
التي بين
بلاده
والبلاد التي
في يد
الصليبيي،
فبنى فيها
الأبراج
وشحنها
بالحراس
والمقاتلة، وزوّدهم
بالطيور
الهوادي،
"فإذا رأوا من
العدو أحداً،
أرسلوا
الطيور، فأخذ
الناس حذرهم
واحتاطوا
لأنفهسم، فلا
يبلغ العدو
منهم غرضاً".
أما
مناقب نور
الدين
الشخصية فهي
بارزة وعديدة.
فقد اهتم نور
الدين بتثقيف
نفسه ثقافة
دينية، فدرس
الفقه على
مذهب أبي
حنيفة، وسمع
الحديث حتى
أجاده، فأخذ
يسمعه بدوره
للناس طلباً
للأجر، وكان
يعقد حلقات
الدرس
والبحث، فيجمع
حوله العلماء
يتدراسون
ويبحثون وكان
يشاركهم
الدراسة
والبحث عن علم
وفهم. لذلك
كان العلماء
والصوفية من
أحب الناس
إليه، فبنى للصوفية
الربط
والخانقاهات،
ووقف عليهم
الوقوف
الكثرة، وأدر
عليهم
الإدرارات
الصالحة، وكان
يدعو مشايخهم
إليه،
ويقربهم
ويدنيهم
ويباسطهم
ويتواضع لهم.
وكذلك
كان مع
العلمء، فكان
"يفعل
بالعلماء من
التعظيم
والتوقير
والاحترام
ويجمعهم عنده
للبحث
والنظر،
فقصدوه من
البلاد
الشاسعة من
خراسان
وغيرها فكان
أهل الدين
عنده في أعلا المنازل
وأعظمها". وقد
حدث أن بعض
الأمراء حسد
الفقه
الشافعي قطب
الدين النيسابوري
لمكانته عند
نور الدين –
وكان نور
الدين قد
استقدمه من
خراسان وبالغ
في إكرامه
والإحسان
إليه – فنال
الأمير يوماً
من قطب الدين
عند نور
الدين، فقال
له نور الدين:
يا هذا، إن صحّ
ما تقوله فله
حسنة تغفر كل
زلة تذكرها،
وهي العلم
والدين. وأما
أنت وأصحابك
ففيكم أضعاف
ما ذكرتَ،
وليس لكم حسنة
تغفرها، ولو
عقت لشغلكَ
عيبُك عن
غيرك، وأنا
أحتمل
سيئاتكم مع
عدم حسناتكم
أفلا أحتمل
سيئة هذا – إن
صحت- مع وجود
حسنته، على
أنني والله لا
أصدقك فيما تقول،
وإن عدتَ
ذكرتَه أو
غيرَه بسوء لأؤدبنَك،
فكفّ الأميرُ
عنه. ولكن،
والحق يقال،
أن نور الدين
لم يفرد
العلماء بهذه
الميزة، أعني
بعدم
الاستماع إلى
الوشاية
فيهم، وإنما
هذا كان مبدأه
بصفة عامة.
يقول ابن
الأثير، إن
نور الدين كان
لا يعاقب
بالظنة
والتهمة، كما
يفعل غيره من
حكام ذلك
الوقت،
"وإنما يطلب
الشهود على
المتهم، فإن
قامت عليه
البينة الشرعية
عاقبَه
العقوبة
الشرعية من
غير تعدّ".
وهكذا كان نور
الدين يعدل في
حكمه بين الناس
جميعاً لا فرق
بين عالم
وجاهل، وهذا
نتيجة اتجاهه
إلى الدين في
حكمه دولته.
وسلك
نور الدين في
حياته الخاصة
سبيل الزهد والعبادة،
فقد زهد في
الدنيا فلم
يتمتع
بمباهجها،
حتى حرم على
نفسه الحرير
والذهب، بل
الفضة حرمها على
نفسه أيضاً.
وزهد في أموال
الدولة وبما
في أيدي
الناس، فلم
يمد يده إليها
بنهب، وإنما كان
ينفق من ماله
الخاص، وهو
نصيبه من
غنائم الحرب
وما يخصه من
بيت المال.
وقد استفتى الفقهاء
في المقدار
الي يحل له
أخذه من بيت
المال، فلم
يتعد هذا
المقدار طيلة
حياته. وقد
حدث أن شكت
زوجتُه قلة
النفقة
عليها، وطلبت
منه الزيادة
في النفقة
فغضب منها،
وقال لها، إن
المال مال
المسلمين وهو
خازنهم عليها
فلا يخونهم
ويدخل جهنم
بسببها، وكان
له بمدينة حمص
ثلاث دكاكين
فوهبهم لها.
ودخل يوماً
خزانة الأموال
فرأى فيها
مالاً أنكره،
فسأل عنه الخازن،
فأخبره أن
القاضي كمال
الدين
الشهرزوري
أرسله من جهة
سماها له،
فقال نور
الدين إنه ليس
في هذه الجهة
مال له أو
لبيت المال،
وأمر بردّه.
فردّه القاضي
مرة أخرى،
وأرسل مع الرسول
أن يقول لنور
الدين، أن هذا
المال له خاصة.
ولكن نور
الدين رفضه
وردّه لأنه
ليس له ولا يحل
له أخذه..
وأرسل إلى
القاضي يقول
له: "أنت تقدر
على حمل هذا،
وأما أنا
فرقبتي
رقيقة، لا أطيق
حمله
والمخاصمة
عليه بين يدي
الله تعالى".
وبعد كل
هذا، يبرز نور
الدين كمحارب
شجاع، يخوض
المعارك
بنفسه،
ويتقدم على الجند
أثناء القتال.
وكان قوي
الثقة بنفسه،
لا تضعفه
هزيمة، ولا
يبطره
انتصار، حتى
انتاصره في
الحروب لا
ينسبه لنفسه
أو لمهارته
وشجاعته،
وإنما ينسبه
إلى الله،
وكان يشغل وقت
فراغه، أو وقت
راحته من مهام
الدولة، إما
بين العلماء
باحثاً
ودارساً،
وإما في ميدان
الفروسية
يلعب بالكرة.
ويذكر ابن
الأثير عن
فروسية نور
الدين، أنه لم
يكن على ظهر
الفرس أحسن من
نور الدين
وكأنه خلق
عليه لا يتحرك
ولا يتزلزل.
وأنه "كان من
أحسن الناس
لعباً بالكرة
وأقدرهم
عليها لم يُرَ
جوكانُه يعلو
رأسه، وكان
ربما ضرب
الكرة فتعلو
فيجري بالفرس
ويتناولها
بيده من
الهواء
ويرميها من
آخر الميدان،
وكانت يده لا
ترى والجوكان
فيها بل يكون
في كم قبائه
استهائة
باللعب".
(البيمارستان
النوري)..
مأثرة
معمارية
فريدة في قلب
دمشق القديمة
يعتبر مبنى
بيمارستان
نور الدين
والذي يشغله
حالياً متحف
الطب والعلوم
عند العرب من
أهم المباني
الأثرية
العلمية في
العاصمة
السورية، حيث
يقع في قلب
مدينة دمشق
القديمة في
الشارع
المسمى باسمه
بمنطقة
الحريقة، وهو
على مسافة غير
بعيدة من
الجامع الأموي.
وقد كان بناء
البيمارستان
فاتحة أعمال
السلطان نور
الدين زنكي، ومن
أعظم مأثره في
المنشآت
المدنية التي
زخر بها عهده
في دمشق، وقد
بناه ليكون
مستشفى في
القرن الثاني
عشر بمال فدية
قدرها
ثلاثمائة ألف
دينار دفعها
أحد الملوك الإفرنج
وكان أسيراً
لديه ثم تحول
في العهد
العثماني الى
مدرسة للبنات
وهو الآن يضم
متحف الطب
والعلوم عند
العرب. والبيمارستان
هو أحد ثلاثة
بيمارستانات
شيدت في
دمشق،
الأول بنيت
قبله وكان يعرف
باليمارستان
القاقي نسبة
الى دقاق
السلجوقي
صاحب دمشق
وعرف أيضا
باسم باب
البريد ثم سمي
الصغير
والعتيق، أما
البيمارستان
الثالث فهو
القيمري نسبة
الى الأمير
الأيوبي سيف
الدين
القيمري بني
في حي الصالحية
وفي جولة في
هذا
البيمارستان
العريق ومتحف
الطب والعلوم
يلاحظ الزائر
أنه من الأبنية
الأثرية
المتكاملة
التي تقدم
نموذجا يمثل
العمارة
السلجوقية من
حيث مخططه
وطراز عمارته
وعناصره
المعمارية
الزخرفية، فضلاً
عن ذلك فانه
لايزال يحافظ
على وصفه
الأصيل، وله
أهمية كبرى في
تبيان تطور
العمارة الإسلامية
في دمشق خلال
القرن الثاني
عشر الميلادي
وتأثرها
بالعناصر
الفنية التى
أتى بها
الزنكيون من
بلاد
الرافدين وإيران، وبني
على مرحلتين الأولى
تضم البناء الأساسي
والثانية هي
مدرسة الطبيب
بدر الدين ابن
قاضي بعلبك، وبقي
القسم
الرئيسي من
البيمارستان
على وضعه الأصلي
حتى الآن
ويتميز
البيمارستان
بجمال هندسته وباحته
الواسعة
ومقرنصاته
الفريدة
والكتابات
النسخية
المنقوشة على
بابه والتي
بدأ باستعماها
لأول مرة في
عهد نور الدين
بدلاً من
كتابات الخط
الكوفي.
وتتميز بوابة
البيمارستان
النوري في
دمشق، الذي يعود
للعهد
السلجوقي ،
حيث الجملون
المزخرف الذي
يعلو باب
المدخل يعود
لطراز ، وفوق هذا
الجملون
لطراز آخر
.ويعتبر
البوابه من أجمل
الآثار
السلجوقية
المتراكبة من
حطات المقرنصات
بحيث تكون
بمجموعها
هرما تعلوه
طاسة مظلية ،
وفي قاعدة هذا
الهرم نسق من الأعمدة
المعقودة
بالأقواس
المفصصة.
وقد
كان بحق أول
وأعظم جامعة
طبية في ذلك
العصر وفي
الشرق كله، وكان
بمثابة ما
يسمى اليوم
بالمستشفى
المركزي وبقي
يقدم رسالته في
أواخر القرن
التاسع عشر
ميلادي حيث
بني مستشفى الغرباء
أو المستشفى
الوطني بجانب
التكية
السليمانية، أما
أقسامه فقد
كان مشتملاً
على أقسام
مرتبة لكل
منها أطباؤه
المختصون
المشرفون
عليه منها قسم
الأمراض
الباطنية
والجراحة والكحالة(
أمراض العين)
وقسم التجبير إضافة
إلى قسم لعلاج
الأمراض
العقلية وقسم
ما يسمى اليوم
بالعيادات
الخارجية فقد
كان الطبيب
رضي الدين
الرحبي يجلس
على دكة ويكتب
لمن يأتي الى
البيمارستان
ويستوصف منه
للمرضى أوراقا
يعتمدون
عليها
ويأخذون من
البيمارستان
الاشربة والأدوية
التي يصفها، وقسم
الصيدلة
يشتغل فيها
الصيادلة بإعداد
الأدوية من أشربة
ومعاجين،
وأخيراً قسم
المكتبة .
ويماثل
البيمارستان
النوري
القصور بترفه
ووسائل
الراحة
المتوفرة وأنواع
الطعام التي
تقدم للمرضى
والمصابين
كما أن العلاج
كان مجانا
للفقراء والأغنياء
على حد سواء، بل
كانوا يمنحون
لدى خروجهم من
البيمارسيتان
ثيابا ونقودا
تكفيهم للعيش
دونما اضطرار
للعمل مدة أسبوعين
هي مدة فترة
النقاهة،
وتقديرا
لمكانة هذا
البناء
الفريد
ولدوره
الكبير الذي
لعبه في تطور
العلوم
الطبية
والصيدلانية
وغيرها قامت
المديرية
العامة
للآثار
والمتاحف بترميم
البيمارستان
النوري
وجهزته
واعدته ليكون
مقراً لمتحف
الطب والعلوم عند
العرب،
حيث تعرض فيه
أهم
المساهمات
والابتكارات والأدوات
والكتب التي
قدهما
العلماء
العرب في مجال
الطب
والصيدلة
والفلك
والرياضيات
والجغرافيا
والموسيقى
وتبرز دور الأجداد
الريادي في
حمل مشعل
الحضارة الإنسانية
وتطور
البشرية.
ويضم المتحف أربع
قاعات رئيسية الأولى
للعلوم
والثانية
للطب
والثالثة
للصيدلة والرابعة
للطيور
والحيوانات
المحنطة إضافة
إلى غرفة
صغيرة تضم
مكتبة علمية
متخصصة، ولدى
زيارة المتحف
يلاحظ قاعة
العلوم وفيها نماذج
وأدوات عربية
ولوحات فنية
تدل على تطور
العلوم عند العرب
مثل علم الفلك
والضوء
والمعادن
والوزن
النوعي
والميكانيك
فقد عاشت الأمة
العربية والإسلامية
في العصور الوسطى
أعظم تجربة
علمية على مر
العصور، هذه
العلوم أغنت
الحضارة
العربية
والاسلامية.
والسمة
الثقافية
لهذه العصور
كانت سمة عربية
اسلامية بصرف
النظر عن
الانتماءات
القومية او
العرقية أو
الدينية للإعلام
المساهمين
الذين هم من
ثمرات النهضة
العلمية
آنذاك لقد
كانت اللغة
العربية لغة
العلم وتناسب
التعبير
العلمي أكثر
من أية لغة أخرى، وهكذا
كانت هذه
اللغة هي
بمثابة العمود
الفقري الذي
يوحد الناس
كافة من مختلف
الأجناس
والمذاهب والأوطان
ويعرض فى قاعة
الطب مجموعة الأدوات
والنماذج
الطبية
العربية
ومخطوطات
طبية قديمة بالإضافة
إلى صور
مأخوذة من
مخطوطات
قديمة تمثل
عملية الفصد
وحساب كمية
الدم
المسحوبة من
المريض وتشريح
العين وجهاز
الدوران
والهضم
والجهاز العصبي
ويوجد في وسط
القاعة مشهد
يمثل الفحص
السريري في
الطب العربي
وطبيب يجس نبض
المريض.
وقد كان الطب
عند العرب في
العصور
الوسطى صناعة
نبيلة لايسمح
بتعاطيها إلا
لمن حصل على
خبرة واسعة
عالما
بالتشريح
ملما بعلم
وظائف الأعضاء
خبيرا بالنبض
محيطا بجميع
العلوم التي
لها صلة قريبة
او بعيدة
بالطب،
ويعرض بقاعة
الصيدلة نماذج
تمثل بعض الأدوات
والأجهزة
التي كان يقوم
العلماء
العرب
بواسطتها
بمزج ودق
وتركيب الأدوية
المستخرجة من الأعشاب
الطبية مثل
الواوين
والمدقات
والملاعق والقوارير
إضافة إلى
الميزان
لتحديد العبارات
الدقيقة
للمزاد قبل
مزجها وإجراء
التجارب
عليها وكذلك
جهاز التقطير.
ومن
المعروف أن
العرب هم
المؤسسون
الحقيقيون
للصيدلة وهم الذين
انشئوا
المدارس
لتعليمها
والحوانيت
لبيع الأدوية وصرفها، كما
أنهم أول من
وضعوا كتباً خاصة
بتركيب
الأدوية
أطلقوا عليها
الأقرباذين و
أخضعوا هذه
الصناعة
لرقابة
المحتسب.
ويلاحظ
الزائر أن
قاعة الطيور
والحيوانات
المحنطة هي
تعليمية أكثر
من كونها
تاريخية،
علماً أنها
تشير إلى اهتمام
العرب بعلم
الحيوان وفن
البيطرة
وكذلك إتقانهم
لفنون الصيد
والقنص
والمؤلفات
العربية الزاخرة
بهذه المعارف
وافرة
ومتعددة
ويكفي أن يذكر
في هذا المجال
الجاحظ
والقزويني
والدميري،
وأضيف إلى
المتحف بعض
المشاهد
الجديدة المعبرة
ومنها
التعليم
الطبي في
البيمارستان في
الإيوان
الشرقي
الكبير ومشهد
الفحص
السريري في
الطب العربي
في قاعة الطب
ومشهد
الاستشارة
الطبية من
المعاينة إلى
وصف الدواء في
قاعة الصيدلة.
مخطط
للبيمارستان
النوري
والعمل في
البيمارستانات:
كانت
البيمارستانات
تقسم إلى
قسمين منفصلين؛
أحدهما
للذكور
والآخر
للإناث. وكان
كل قسم مجهزًا
بما يحتاج
إليه من آلات
وخدم ومشرفين من
الرجال
والنساء.
وينقسم كل قسم
من هذين القسمين
إلى قاعات
تخصصية؛
فهناك قاعة
للأمراض العقلية،
وقاعة
للأمراض
الباطنية،
وقاعة
للجراحة، وقاعة
للكحالة،
وقاعة لتجبير
العظام وقاعة
للبرص. وكانت
كل قاعة مقسمة
بدورها
لتخصصات أدق؛
فقاعة
الأمراض
الباطنية،
على سبيل
المثال، بها
قسم
للحُمَّيَات،
وقسم
للمبرودين(المتخومين)،
وقسم
للاسهال...
وهكذا.
وكانت
هذه البيمارستانات
فسيحة جيدة
البناء
وباحاتها الداخلية
وأبهاؤها
واسعة، وكانت
تعتمد على الأوقاف
في نفقاتها؛
سواء ما ينفق
على المرضى أو
الأطباء أو
الطلاب.
وكانوا
يسجلون هذه
الأوقاف في
حجج مكتوبة
ينقشونها على
حجارة للتأكيد
على توثيقها.
وكان الماء
فيها جاريًا
بصورة مستمرة،
ولكل
بيمارستان
رئيس يطلق
عليه ساعور البيمارستان،
ولكلّ قسم
رئيس؛ فهناك
رئيس
للجرائحية
(الجراحين)
ورئيس
للكحالين
ورئيس للأمراض
الباطنة،
ورئيس
للتمريض.
وألحقت
بكل مستشفى
شرابخانة
(صيدلية) سميت
في عصور لاحقة
أجزخانة، لها
رئيس يسمى
المهتار؛ أي
الشيخ الصيدلي،
يساعده غلمان
يطلق على كل
واحد منهم
شراب دار.
وكان لكل
بيمارستان
ناظر يشرف على
الإدارة. ومن
الوظائف
المهمة في
البيمارستان
رئيس
الأطباء،
ويرأس مجموعة
الأطباء، ويأذن
لهم
بالتطبيب،
ويحدد لهم
مواعيد تناوب
العمل، ويحدد
لكل طبيب
موعدًا
معلومًا
لزيارة القاعة
التي يعالج
فيها مرضاه.
وتأتي بعد
وظيفة رئيس
الأطباء
وظيفة رئيس
التخصص؛
كرئيس الكحالين
الذي يرأس
أطباء العيون
وسلطته عليهم
كسلطة رئيس
الأطباء،
ورئيس
الجرائحية
الذي يرأس
الجراحين
ومجبري
العظام. وكان
هؤلاء الأطباء
مقدمين،
يكرمهم
الخلفاء
والأمراء والوجهاء
ويغدقون
عليهم، ولم
يمنع هذا
الإكرام
الكثيرين من
العمل في
البيمارستانات
احتسابًا لوجه
الله.
إلى
جانب
الصيدلية
الملحقة
بالبيمارستان،
كان لكل
بيمارستان
حمام عام
ومكتبة،
ومكان يخصص
لرئيس
الأطباء يقوم
فيه بإلقاء
الدروس على
الطلاب.
وكانت هذه
البيمارستانات
تستقبل
المرضى من مختلف
الأجناس
والطبقات من
الذكور
والإناث، من
المسلمين
وغيرهم،
وتوفِّر
للمريض إقامة
كاملة تتضمن
المأوى
والطعام إلى
جانب الرعاية
الطبية دون
مقابل.
والمتَّبع في
هذه البيمارستانات
أنه بمجرد
السماح
للمريض
بالدخول،
تنزع ثيابه
وتحفظ في مكان
خاص إلى أن
يخرج معافىً،
ثم يمنح
ثيابًا أخرى
نظيفة، ويظل
فيه إلى أن
يبرأ تمامًا.
وعلامة ذلك أن
يستطيع أكل
رغيف كامل من
الخبز
وفرُّوج (دجاجة)
ثم يخرج
برازًا
كاملاً. بعد
ذلك يعطى صدقة
البيمارستان؛
ثوبًا وبعض
المال، حتى
يخلد إلى
الراحة في
فترة النقاهة
ولا يضطر للعمل
. كانت
البيمارستانات
بمثابة
مستشفيات
تعليمية،
يتلقّى فيها
طلاب الطب
علومهم. فبعد
أن يتفقد
الطبيب مرضاه
ومعه طلابه،
يأتي إلى إيوان
خاص مزوّد بكل
الآلات
والكتب ثم
يلقي عليهم
دروسه أو
يناقش معهم
بعض الحالات
التي وقفوا
عليها. وكان
بعض كبار
الأطباء يجعل
له مجلسًا
عامًا في
منزله أو في
المدارس
الخاصة لتدريس
الأطباء
الجدد، أصول
مهنة الطب
بالطريقة
السليمة،
ليتمكنوا من
القيام
بعملهم.
كان
اختيار مواقع
هذه
المستشفيات
يتم بعد البحث
والتقصي
لتشييدها في
أكثر الأماكن
ملاءمة من حيث
المناخ؛
فيذكر أن عضد
الدولة لما
طلب من الرازي
اختيار موضع
يقيم عليه
البيمارستان
العضدي في
بغداد، أمر
الرازي أن
تعلّق قطع من
اللحم في وقت
واحد في أماكن
مختلفة من المدينة
فأيها أسرع
إليه الفساد
تركوه لسوء هوائه.
الأطباء
الذين عملوا
في
البيمارستان
الكبير
النوري
1ـ
مهذب الدين النقاش:
هو الشيخ
الامام أبو
الحسن علي بن
أبي عبد الله
عيسى بن هبة
الله النقاش
مولده ومنشؤه
ببغداد، عالم
بعلم العربية
والأدب
واشتغل بصناعة
الطب وكان له
مجلس علم
للمشتغلين
عليه. وتوجه
الى مصر وأقام
بالقاهرة مدة
ثم رجع الى
دمشق وخدم
بصناعة الطب
الملك العادل
نور الدين
محمود بن
زنكي، وكان
يعاني كتابة
الانشاء وخدم
في
البيمارستان
الكبير
النوري وكانت
وفاته يوم
السبت 12محرم
سنة (574هـ ـ 1178م).
2ـ
موفق الدين بن
المطران: هو
الحكيم
العالم موفق
الدين أبو نصر
أسعد بن أبي
الفتح الياس
بن جرجس
المطران: كان
مولده ومنشؤه
بدمشق وكان
أبوه أيضاً
طبيباً. وخدم
بصناعة الطب
الملك الناصر
صلاح الدين
يوسف بن أيوب
وأسلم ابن
المطران في
أيامه. وكانت
اه همة عالية في
تحصيل الكتب
ومات وفي
خزانة كتبه ما
يناهز عشرة
الاف من الكتب
الطبية. وكان
ابن المطران بالبيمارستان
الكبير
النوري يعالج
المرضى
المقيمين به،
توفي في شهر
ربيع الأول
سنة (587هـ ـ 1191م)
بدمشق.
3ـ
ابن حمدان
الجرائحي:
كان من جملة
أطباء
البيمارستان
الكبير النوري
ومعاصراً
لموفق الدين
بن المطران.
4ـ
أبو الفضل بن
عبد الكريم
المهندس: هو
مؤيد الدين
أبو الفضل
محمد بن عبد
الكريم بن عبد
الرحمن
الحارثي:
مولده ومنشؤه
بدمشق وكان
يعرف بالمهندس
لجودة معرفته
بالهندسة قبل
أن يتحلى
بمعرفة صناعة
الطب، واشتغل
أيضاً بصناعة
النجوم وكانت
له جامكية
لطبه في
البيمارستان الكبير
النوري وبقي
فيه الى أن
توفي سنة(599هـ ـ
1202م) بدمشق وعاش
نحو السبعين.
5ـ
موفق الدين
عبد العزيز:
هو الشيخ
الإمام موفق
الدين عبد
العزيز بن عبد
الجبار بن أبي
محمد السلمي:
كان كثير
الخير شديد
الشفقة على
المرضى وكان
في أول الأمر
فقيهاً ثم
اشتغل بعد ذلك
بصناعة الطب
وخدم في البيمارستان
الكبير
النوري، خدم
الملك العادل
أبا بكر بن
أيوب وتوفي بدمشق
في يوم
الجمعة20ذي
القعدة
سنة(604هـ ـ 1207م)
وعمره نحو
الستين سنة.
6ـ
كمال الدين
الحمصي: هو
أبو منصور
المظفر علي بن
ناصر القرشي
اشتغل بصناعة
الطب والأدب
وكان محباً
للتجارة وأكثر
معيشته منها
ويكره التكسب
بصناعة الطب، وبقي
سنين يتردد
الى
البيمارستان
الكبير
النوري
ويعالج
المرضى فيه
احتساباً الى أن
توفي في يوم
الثلاثاء 9من
شعبان سنة (612هـ
ـ 1215م).
7ـ
رشيد الدين بن
علي خليفة:
هو أبو الحسن
علي بن خليفة
بن يونس بن
أبي القاسم بن
خليفة بن
الخزرج مولده
بحلب سنة (579هـ ـ
1183م) ثم توجه الى
مصر واشتغل
بصناعة الطب،
ولازم جمال
الدين بن أبي
الحوافي رئيس
الأطباء بمصر
وملكها
العزيز عثمان
بن الملك الناصر
صلاح الدين
ولازم مشاهدة
المرضى بالبيمارستان.
وفي سنة 593هـ
انتقل الى
الشام وباشر المرضى
في
البيمارستان
الكبير
النوري وجعل له
مجلساً
لتدريس صناعة
الطب توفي يوم
الإثنين
في17شعبان
سنة616هـ.
8ـ
مهذب الدين
عبد الرحيم بن
علي: هو
الشيخ الإمام
العالم مهذب
الدين أبو
محمد عبد
الرحيم بن علي
بن حامد ويعرف
بالدخوار مولده
ومنشؤه دمشق،
وكان أبوه
كحالاً
مشهوراً. وجدم
مهذب الدين
كحالاً
بالبيمارستان
النوري
الكبير ثم
اشتغل بصناعة
الطب ثم توجه
الى الديار
المصرية،
وخدم الملك
العادل أبا
بكر بن أيوب
وولاه رياسة
الطب بمصر والشام.
ثم أقام بدمشق
وتولى العلاج
بالبيمارستان
الكبير
النوري ثم شرع
في تدريس
صناعة الطب
واجتمع إليه
كثير من أعيان
الأطباء ووقف
داره وجعلها
مدرسة للطب
ووقف لها
ضياعا وعدة أماكن
وتوفي ليلة
الإثنين 15شهر
صفر(628هـ ـ 1230م).
9ـ
مهذب الدين
أحمد بن
الحاجب:
كان طبيباً
مشهوراً في
الصناعة
الطبية متقناً
للعلوم
الياضية
معتنياً
بالأدب مولده
بدمشق ونشأ
بها وخدم
بصناعة الطب
بالبيمارستان
الكبير
النوري.
10ـ
ابن اللبودي:
هو العالم شمس
الدين أبو عبد
الله محمد بن
عبدان بن عبد
الواحد بن
اللبودي: أتقن
الحكمة
وصناعة الطب
وكان له مجلس
لتدريس هذه
الصناعة وخدم
الملك الظاهر غياث
الدين غازي بن
الملك الناصر.
وأقام عنده بحلب،
ثم أتى إلى
دمشق وأقام
بها يدّرس
الطب ويطبب في
البيمارستان
الكبير
النوري، وتوفي
بدمشق في4 ذي
القعدة
سنة622هـ وله من
العمر51 سنة.
11ـ
عمران
الإسرائيلي:
هو الحكيم
أوحد الدين
عمران بن
صدقة، مولده بدمشق
في سنة561ه وكان
أبوه طبيباً
مشهوراً وكان
الملك المعظم
قد أطلق له
جامكية و
يتردد إلى
البيمارستان
الكبير
النوري وتوفي
في حمص في شهر
جمادى الأولى
سنة(637هـ ـ 1239م).
12ـ
سديد الدين بن
رقيقة: هو
أبو الثناء
محمود بن عمر
بن محمد بن
إبراهيم بن
شجاع
الشيباني
الحانوي
ويعرف بابن
رقيقة كان
مولده سنة564ه
بمدينة حيني
ونشأ بها وكانت
معرفته
بصناعة الكحل
والجراح،
وحاول كثيراً
من أعمال
الحديد في
مداواة أمراض
العين و قدح
الماء النازل
في العين لجماعة
وأنجب قدحه
وأبصروا. وكان
المقدح الذي يعانيه
مجوفاً وله
عطفة ليتمكن
في وقت القدح
من امتصاص
الماء، و يكون
العلاج أبلغ
وفي سنة632هـ
وصل إلى دمشق
إلى السلطان
الأشرف وأمر
بأن يواظب على
معالجة
المرضى
بالبيمارستان
الكبير
النوري وتوقي
في سنة635هـ
وكان شاعراً مجيداً.
13ـ
الجمال
المحقق أحمد
بن عبد الله
بن الحسين الدمشقي:
اشتغل بالفقه
وبرع فيه وكان
فاضلا في الطب
وقد ولي
الدخوارية
وعاد المرضى
بالبيمارستان
على قاعدة
الأطباء،
وكان مدرساً
للشافعية بالفرّخشافية
ومعيداً بعدة
مدارس وكان
جيد الذهن
مشاركاً في
فنون كثيرة توفي
سنة649هـ.
14ـ
سعد الدين بن
عبد العزيز:
هو الحكيم
العالم سعد
الدين أبو
إسحاق إبراهيم
بن عبد العزيز
بن عبد الجبار
بن أبي محمد السلمي
ولد بدمشق سنة
(593هـ ـ 1187م) وخدم
بصناعة الطب
في
البيمارستان
الكبير
النوري إلى أن
توفي في سنة
(644هـ ـ 1246م) بدمشق.
15ـ
رضى الدين
الرحبي:
وهو علي بن
يوسف بن حيدرة
بن الحسن
الرحبي، ولد
في مدينة
الرحبة
بجزيرة ابن
عمرو (534هـ ـ 1139م)، سافر
إلى بغداد و
اشتغل بصناعة
الطب، ثم رحل
إلى دمشق مع
أبيه في زمن
السلطان
الملك العادل نور
الدين
الزنكي، ثم
عمل قي خدمة
الملك الناصر
صلاح الدين قي
قلعة
وبيمارستان
القاهرة،
ولما توفي
صلاح الدين
(589هـ ـ 1192م) عاد
إلى دمشق،
ويقي قيها إلى
أن توفي سنة
(631هـ ـ 1233م).
16ـ
جمال الدين بن
الرحبي: هو
جمال الدين
عثمان بن يوسف
بن حيدرة
الرحبي أخو
السابق، اشتغل
بصناعة الطب
على والده
بدمشق وخدم
بالبيمارستان
الكبير
النوري وبقي
به سنين ولما
وصل التتار
إلى الشام سنة
(657هـ ـ 1258م) توجه
إلى مصر وأقام
بها وتوفي
بالقاهرة سنة
(658هـ ـ 1259م).
17ـ
شرف الدين بن
الرحبي: هو
شرف الدين أبو
الحسن علي بن
يوسف بن حيدرة
بن الحسن
الرحبي. ولد
بدمشق سنة (583هـ
ـ 1187م) واشتغل بصناعة
الطب وخدم مدة
في
البيمارستان
الكبير النوري
و درّس
بالمدرسة
الدخوارية
وتوفي سنة (667هـ
ـ 1268م).
18ـ
شمس الدين
محمد الكلي:
هو الحكيم
العالم أبو
عبد الله محمد
بن إبراهيم بن
أبي المحاسن،
كان أبوه أندلسياً
وأتى إلى دمشق
ونشأ شمس
الدين بدمشق
وقرأ صناعة
الطب وحفظ
كليات
القانون
حفظاً جيداً،
ولذلك قيل له
الكلّي. وخدم
بصناعة الطب
الملك الأشرف
موسى بدمشق ثم
في
البيمارستان
الكبير
النوري.
19ـ
عز الدين بن
السويدي: هو
أبو إسحاق
إبراهيم بن
محمد كان أبوه
تاجراً من
السويداء
بحوران، ولد
بدمشق سنة (600هـ
ـ 1203م) ونشأ بها
واشتغل
بصناعة الطب
وقرأ علم
الأدب وأتقن
العربية
وأجاد الشعر
وخدم فب
البيمارستان
الكبير
النوري وفي
بيمارستان
باب البريد وكان
مدرساً
بالدخوارية.
20ـ
عماد الدين
الدنيسري:
هو عماد الدين
أبو عبد الله
محمد بن
القاضي
الخطيب تقي
الدين عباس بن
أحمد بن عبيد
الربعي مولده
بدنيسر في
سنة605 ونشأ بها
واشتغل
بصناعة الطب
وتميز في
الأدب والفقه
خدم في
البيمارستان
الكبير
النوري.
21ـ
بدر الدين بن
قاضي بعلبك:
هو الحكيم
العالم بدر
الدين المظفر
ابن القاضي
الإمام مجد
الدين عبد
الرحمن بن
إبراهيم نشأ
بدمشق واشتغل
بصناعة الطب
وخدم في
البيمارستان
الذي بالرقة.
وصنف مقالة في
مزاج الرقّة
وأحوال
أهويتها. ثم أتى
إلى دمشق وخدم
الملك الجواد
مظفر الدين يونس
بن شمس الدين
مودود وذلك في
سنة635هـ . وولي رياسة
جميع الأطباء
و الكحالين
والجراحين
والبيمارستان
الكبير
النوري وقرأ
الفقه والتقسير.
22ـ
جمال الدين بن
عبد الله: بن
عيد السيد
أسلم مع والده
وكان من أطباء
البيمارستان
النوري بدمشق
توفي سنة 735هـ
ودفن في قبر
أعده لنفسه.
23ـ
عبد الله بن
عبد الحق: بن
إبراهيم بن
محمد بن عبد
الحق رئيس
الجرائحية
جمال الدين
ابن رئيس
الأطباء شمس
الدين القاهري
ويعرف بابن
عبد الحق: ولد
قبل القرن
ودخل في سفره
مع أبيه الشام
في خدمة
الناصر فرج، وتميز
في صناعة الطب
وباشر رياسة
الجرائحية وقتاً
وتقدم في أيام
الأشرف إينال
ولم ينفك عن ملازمة
البيمارستان
كل يوم مات في
ربيع الأول
سنة891هـ ودفن
بترية ابن
جماعة بالقرب
من الصوفية.
24ـ
ابن النفيس: كان
ابن النفيس
طبيباً
عظيماً ومؤلفاً
غزير
الإنتاج، كما
كان فقيهاً
مشهوراً. وسوف
أقصر بحثي هذا
على عرض مادة
من كتابه
" الشامل في
الصناعة
الطبية ". تعلم
ابن النفيس
الطب في دمشق،
في البيمارستان النوري
الكبير الذي
أنشأه الأمير
نور الدين محمود
بن زنكي في
القرن السادس
الهجري/ الثاني
عشر الميلادي.
وكان مهذب
الدين عبد الرحيم
بن علي
الدخوار (توفي
628 هـ/ 1230م)
أحد معلمي ابن
النفيس في
دمشق. كما كان
من تلاميذ
الدخوار في
دمشق أيضاً موفق
الدين أبو العباس
أحمد بن قاسم
بن خليفة
الخزرجي ،
وشهرته ابن
أبي أصيبعة (توفي
668 هـ/ 0 27
الخاتمة
البيمارستان
الكبير
النوري الذي
بناه السلطان
نور الدين
محمود بن
زنكي، قال عنه
المؤرخون أته
لم يكن له
نظير في
العالم في ذلك
الوقت، زاره
الرحالة ابن
جبير الذي حط
الرحال في
مدينة دمشق
سنة580هـ وقال: ((
وبها مارستان
قديم وحديث،
والحديث
أحفلهما
وأكبرهما)).
وقال
ابن أصيبعة: ((
كما أنشأ
الملك العادل
نور الدين
البيمارستان
الكبير، جعل
أمر الطب فيه
إلى أبي المجد
بن أبي الحكم
الباهلي، الذي
كان يتردد
إليه ويعالج
المرضى فيه ))
ثم قال: (( وبعد
فراغه من ذلك
وطلوعه على
القلعة
وافتقاده
المرضى من
أعيان الدولة
يأتي ويجلس في
الإيوان
الكبير الذي
بالبيمارستان،
وكان نور الدين
رحمه الله قد
وقف على هذا
البيمارستان
جملة من الكتب
الطبية، وكان
جماعة من الأطباء
والمشتغلين
يأتون إليه
ويقعدون بين يديه،
ثم تجري مباحث
طبية ويقرئ
التلاميذ، ولا
يزال معهم في
اشتغال
ومباحثة ونظر
في الكتب مقدار
ثلاث ساعات )).
ظل
البيمارستان
النوري يعمل
في معالجة
المرضى على
سنة(1317هـ ـ 1899م)،
وكان أطباؤه
وصيادلته لا يقلون
عن العشرين،
وقد قامت
بلدية دمشق،
في عهد حسن
ناظم باشا
والي سوريا
العثماني
بإنشاء
الغرباء، الذي
يعرف حالياً
باسم المس
المراجع:
- ابن
الأثير:
الكامل في
التاريخ؛
تاريخ الدولة
الأتابكية
ملوك الموصل
(مخطوط).
- سبط ابن
الجوزي: مرآة
الزمان.
_
الدكتور أحمد
عيسى بك:
تاريخ
البيمارستانات
في الإسلام.
_
الدكتور
ابراهيم
العيسوي:
مقالة في مجلة
الوطن.
*مدرس
ورئيس قسم
تاريخ الطب - معهد
التراث العلمي
العربي –
جامعة حلب.
دكتوراه
في تاريخ الطب
العربي
الإسلامي –
طبيب اختصاصي
في جراحة
العظام.
هاتف 300030 94 963
، بريد
إلكتروني: a.kaadan@scs-net.org
**
دكتور في
الصيدلة -
طالب دبلوم في
معهد التراث
العلمي
العربي –
جامعة حلب