جراحة الفم والفكين عند العرب والمسلمين

 

 

  

إعداد
الدكتور عبد الناصر كعدان

Abdul Nasser Kaadan, MD, PhD

اختصاصي جرحة عظام

رئيس قسم تاريخ الطب-معهد التراث العلمي العربي

جامعة حلب

 
 الدكتور حسين جابي

Husain Jabi

طبيب أسنان

دبلوم في تاريخ الطب

 

 

 

 

         مع تطور الحضارة الإسلامية العربية وازدهارها في سائر المجالات، كان للطب الحظ الوافر في هذا التطور، فقد شهد تقدماً عظيماً على يد الأطباء العرب والمسلمين الذين درسوا الكتب الطبية القديمة دراسة مستفيضة، ثم انتقلوا إلى الإبداع والاكتشاف والتجريب ليقدموا تراثاً طبياً غنياً نهلت منه أوربا فيما بعد .

 

         وسوف نتناول في هذه المخطوط جانباً من جوانب الإبداع الطبي الذي أحرزه الأطباء المسلمون والعرب في مجال جراحة الفم معتمدين أسلوب المقارنة بين طرائق مختلفة لأربعة أطباء هم : أبو القاسم الزهراوي وأبو بكر الرازي وعلي بن عباس المجوسي والشيخ الرئيس ابن سينا .

 

         وقد اقتصرنا في هذا البحث على الأساليب الجراحية في العلاج مع نتويه طفيف على الأدوية والنباتات المرافقة للجراحة .

 

         ثم نتبع ذلك بمداخلة علمية تظهر مدى مطابقة المعالجة الجراحية القديمة مع الحديثة التي تبناها الطب الحديث .

 

         وأرجو من المولى أن يوفقني لإظهار عبقرية علمائنا الذين سنبقى نفتخر بهم، ونسعى جاهدين لكي نطور الإرث الحضاري العلمي الذي تركوه لنا، إنه سميع مجيب .

 

 

 

قـلـع الأسـنان

 

           سنعرض في البداية كلام أبي القاسم الزهراوي في مجال قلع الأسنان إذ يقول :

 

         » ينبغي أن تعالج الضرس من رجعه بكل حيلة وتتوانى عن قلعه، فليس منه خلف إذا قلع لأنه جوهر شريف، حتى إذا لم يكن بد من قلعه، فينبغي إذا عزم العليل على قلعه أن تتثبت حتى يصح عندك الضرس الوجع، فكثيراً ما يخدع العليل الوجع ويظن أنه في الضرس الصحيح فيقلعه ثم لا يذهب الوجع حتى يقلع الضرس المريض، فقد رأينا من فعل الحجامين مراراً، فإذا صح عندك الضرس الوجع بعينه فحينئذ ينبغي أن تشرط حول السن بمبضع فيه بعض القوة حتى تحل اللثة من كل جهة ثم تحركه بأصابعك أو بالكلاليب اللطاف أولاً قليلاً قليلاً حتى تزعزعه ثم تمكن حينئذ منه الكلبتين الكبار تمكيناً جيداً ورأس العليل بين ركبتيك قد ثقفته حتى لا يتحرك، ثم تجذب الضرس على استقامة لئلا تكسره، فإن لم يخرج وإلا فخذ أحد تلك الآلات فأدخلها تحته من كل جهة برفق ورم تحريكه كما فعلت أولاً، وإن كان الضرس مثقوباً أو متآكلاً فينبغي أن تملأ ذلك الثقب بخرقة وتسدها سداً جيداً بطرف مرود رقيق لئلا يتفتت في حين شدك عليه بالكلاليب، وينبغي أن تستقصي بالشرط حول اللثة من كل جهة نعمَّا وتحفظ جهدك لئلا تكسره فيبقى بعضه فيعود العليل منه بلية هي أعظم من وجعه الأول، وإياك أن تضع ما يضع جهال الحجامين في جسرهم وأقدامهم على قلعه من غير أن يستعملوا ما وضعنا فكثيراً ما يحدثون على الناس بلايا عظيمة أيسرها أن ينكسر الضرس وتبقى أصوله كلها أو بعضها، وإما أن يقلع ببعض عظام الفك كما شاهدناه مراراً، ثم يتمضمض بعد قلعه بشراب أو بخل وملح، فإن حدث نزف دم من الموضع فكثيراً ما يحدث ذلك فاسحق حينئذ شيئاً من الزاج واحش به الموضع وإلا فاكوه إن لم ينفعك الزاج، صورة الكلاليب اللطاف التي بها الضرس أولاً تكون طويلة الأطراف قصيرة المقبض غليظة لئلا تنثني عند قبضك الضرس، ولتكن من حديد هندي أو من فولاذ محكمة مستقيمة الأطراف، وفي طرفها أضراس يدخل بعضها في بعض فتقبض قبضاً محكماً وثيقاً وقد تضع الأطراف كهيئة المبرد فتكون أيضاً قوية   القبض (1) «.

 

         وأما علي بن عباس المجوسي فيتكلم عن قلع الأضراس فيقول :

 

         » ينبغي لمن أراد قلع الأضراس أن يشرط اللحم الذي في أصل الضرس ويحله جيداً حتى لا يبقى شيء من اللحم ملتصقاً بأصل الضرس، ثم يضع كلبتي الأضراس عليه ويقبض على عمودها قبضاً شديداً ويهزه هزاً جيداً يميناً وشمالاً ثم يجذبه بقوة وينثره فإنه ينقلع، فإن كان الضرس متآكلاً فينبغي أن تكبس في المواضع المتآكلة خرقاً كبساً جيداً، ثم تعالجه بما ينبت الأسنان مما وصفنا ثم يتمضمض بعد ذلك بخل ممزوج بماء مرات ثم تضع في الموضع دهن ورد بقطنة (2) «.

 

          ويتكلم ابن سينا عن تدبير قلع الأسنان فيقول :

 

         » إنه قد يتأدى أمر السن الوجعه إلى أن لا تقبل علاجاً البتة أو تكون كلما سكن ما يؤذيها من الآفة عاد عن قريب ثم تكون مجاورتها لسائر الأسنان مضرة بها، فلا يوجد إلى استئصالها سبيل، فيكون علاجها القلع، وقد يقلع بالكلبتين بعد كشط ما يحيط بأصلها عنها ويجب أن يتأمل قبل القلع فينظر هل العلة في نفس السن فإن لم تكن في نفس السن فإن ذلك وإن خفف الوجع قليلاً فليس يبطله بل يعود .

         وإنما يخففه بما تحلل من المادة في الحال وبما يوصل من الأدوية إليه وفي قلع مالا يتحرك من الأسنان خطر في أوقات كثيرة فربما كشف عن الفك وعفن جوهراً، وهيج وجعاً شديداً، وربما هيج وجع العين والحمى .

         وإذا علمت أن القلع يعسر ولا يحتمله المريض، فليس من الصواب تحرك بشدة فإن ذلك مما يزيد في الوجع على أنه يتفق أحياناً أن تكون العلة ليست في السن فإذا زعزعت انحلت المادة التي تحتها وسكن الوجع (3) «.

 

  

       ثم يتابع ابن سينا بذكر طريقة أخرى لتسهيل قلع الأسنان وذلك بالاستعانة ببعض الأدوية والأعشاب فيقول :

 

         » وقد تقلع بالأدوية والأصوب أن يشرط حوالي السن بمبضع ويستعمل عليه الدواء .

         فمن ذلك : أن يؤخذ قشور أصل التوت وعاقرقرحا ويسحق في الشمس بخل ثقيف حتى يصير كالعسل ثم يطلى به أصل السن في اليوم ثلاث مرات أو يسحق العاقرقرحا ويشمس في الخل أربعين يوماً ثم يقطر على المشروط ويترك عليه ساعة أو ساعتين ثم يجذب فيقلع، أو يجعل بدل العاقرقرحا أصول قثاء الحمار أو تطلى بالزرنيخ المربى بالخل فإنه يرخيه، أو يؤخذ بزر الأبخرة وقنة بالسوية فيوضع في أصل الضرس وربما أغلى بورق التين فإنه يرخيه ويقلعه بسهولة، أو يؤخذ قشور التوت وقشور الكبر والزرنيخ الأصفر والعاقرقرحا والعروق وأصول الحنظل وشبرم ويعجن بماء الشب أو بالخل الثقيف ويترك ثلاثة أيام ثم يطلى أو يؤخذ عروق صفر وقشور التوت من كل واحد جزء، ومن الزرنيخ الأصفر جزءان يعجن بالعسل ويجعل حوالي الضرس مدة فإنه يقلعه، أو يأخذ أصل القيصوم ولبن اليتوع جزء وأصل اليتوع جزءان، ويوضع عليه، وإن كانت السن ضعيفة فأذب الشمع مع العسل في الشمس ثم قطر عليه زيتاً ومره ليمضغه (4) «.

 

         وأما أبو بكر الرازي : فيحذر من تحريك السن وتركه دون قلع بقوله :

 

         » الضرس الوجع قد يسكن وجعه بالقلع، فإن حركته بشدة ولم تقلعه زادت في وجعه (5) «.

         ثم يعرض لأساليب قلع السن بالاستعانة بالأدوية المسهلة للقلع فيقول :

 

         » لقلع السن يطلى بعقر قرحا قد نقع بخل خمر ثلاثة أيام ثم يسحق حتى يصير مثل الخلوق ويطلى عليه يومين أو ثلاثة كل يوم مرات في أصله بعد أن يحلل ويحركه فإنه يتحرك ويسلس فإذا بلغ ما تريد فإنه يقلع بلا وجع، أو افعل مثل ذلك بأصول قثاء  الحمار .

         ويمكنك أخذ عروق وصبر وقشور توت بالسوية وزرنيخ أصفر مثلها يسحق ويعجن بالعسل ويجعل حالي الضرس مدة فإنه يقلعه بسهولة جداً (6) «.

 

ثم يعرض الرازي لطريقة قلع السن بدون ألم باستخدام الأدوية التالية :

 

         » ويقلع الأسنان الصحيحة العاقرقرحا وقشور التوت يطبخ بالخل ويشرط حوالي الضرس  ويطلى وينتظر فإنه يسقط، أو يطلى حوله بالزرنيخ المربى بالخل فإنه         يرضيه (7) «.

 

σσσ

 

 

المداخلة العلمية

 

              » يتم قلع الأسنان في الطب الحديث بالطريقة التالية :

 

1)                قطع الأربطة السنية التي تربط لسن بالسنخ، وذلك بقاطع رباط خاص يقطع بين اللثة والسن بقوة ثم يشرط حول السن من الطرف الدهليزي     ( الخارجي ) ومن الطرف اللساني ( الداخلي ).

2)                                               يمسك السن بالكلابة الخاصة به جيداً وتبدأ القلقلة للاتجاه الخارجي قليلاً ثم للاتجاه الداخلي قليلاً .

3)                عندما يتقلقل السن يتم سحبه بشكل مائل للاتجاه العلوي الخارجي بالنسبة للأسنان السفلية، وللاتجاه السفلي الخارجي بالنسبة للأسنان العلوية .

4)                بعد قلع السن يتم ضغط الحواف السنخية المتباعدة الدهليزية واللسانية بالإبهام والسبابة لإعادتها إلى وضعها الطبيعي بعد قلع السن وذلك لتسهيل التندب، ثم تلف قطعة من الشاش القطني المعقم وتوضع فوق السنخ ليعض عليها المريض (8) «.

 

         & لدى دراسة النصوص التراثية السابقة نلمس فيها المناحي العلمية التالية :

 

1)                محاولة علاج السن واستفراغ كل الجهود في ذلك قبل اتخاذ قرار قلعه وهو ما أشار إليه الزهراوي وابن سينا .

2)                تحري السن المصاب بدقة خشية قلع السن السليم، حيث أن الآلام السنية قد تتظاهر بشكل متشعع مما قد يتسبب بتشخيص خاطئ للسن المسبب، خاصة إذا كان النخر جانبي غير مرئي، وهذا التحري أشار إليه الزهراوي بدقة .

3)                 بالنسبة لطريقة قلع السن من قطع الأربطة السنية، ثم قلقلة السن ثم سحبه للأعلى فهي طريقة صحيحة تماماً وصفها الزهراوي والرازي والمجوسي بدقة.

4)                 أشار الرازي إلى أن قلقلة السن دون قلعه يورث ألماً شديداً أشد من وجعه السابق، وهذا أمر صحيح علمياً حيث أن قلقلة السن دون قلعه يحدث تمدداً في الأربطة السنية مما يورث آلاماً رباطية شديدة لا تسكن إلا بمسكنات الألم المركزية .

5)                 بالنسبة للطريقة الدوائية في قلع الأسنان فلم يبق لها وجوداً إلا أني أود أن أشير إلى أن الزرنيخ المستخدم حالياً لإماتة العصب، إذا حدث منه تسرب إلى اللثة فإنه يحدث تموتاً وتحللاً لثوياً وعظمياً مما يجعل السن يتقلقل، وقد لاحظت أن الوصفات الدوائية لكل من ابن سينا والرازي تتضمن وجود الزرنيخ لتسهيل قلع السن، فإذا كان الزرنيخ الذي عنوه هو نفس الزرنيخ المستخدم حالياً فكلامهم حول أثره في تسهيل قلع السن بدون ألم هو كلام دقيق صحيح .

 

+ + + +

 

  

قلع أصول الأضراس وإخراج عظام الفكوك مكسورة

 

         & يقول الزهراوي في ذلك:

 

          » إذا بقي عند قلع الضرس أصل قد انكسر فينبغي أن تضع على الموضع قطنة بالسمن يوماً أو يومين حتى يستر في الموضع ثم تدخل إليه الجفت أو الكلاليب التي تشبه أطرافها فم الطائر الذي يسمى البلرجة وتكون قد صنعت كالمبرد من داخل أو كالاسكلفاج، فإن لم يجبك للخروج بهذه الكلاليب فينبغي أن تحفر على الأصل وتكشف اللحم كله بالمبضع ثم تدخل الآلة التي تشبه عتلة صغيرة التي هذه صورتها :

         قصيرة الأطراف غليظة قليلاً ولا تكون مستقيمة لئلا تنكسر فإن خرج الأصل بذلك وإلا فاستعن بهذه الآلات الأخر التي هذه صورتها :


 

 

         وقد تستعين أيضاً بهذه الآلة ذات الشعبتين التي هذه صورتها :


 

 

         وبغيرها من الآلات والحدائد التي تقدم ذكرها في جرد الأضراس .

 


         وقد تستعين بهذه الآلة التي تشبه الصنارة الكبيرة التي هذه صورتها

 

  


         مثلثة الأطراف فيها بعض الغلظ قليلاً لئلا تنكسر وتكون غير مستقيمة واعلم أن آلات الأضراس كثيرة لا تكاد تحصى والصانع الدرِب الحاذق بصناعته قد يخترع لنفسه آلات على حسب ما يدل عليه العمل والأمراض أنفسها لأن من الأمراض ما لم تذكر لها الأوائل آلات لاختلاف أنواعها، فإن انكسر عظم الفك أو من أحل عظام الفم أو تعفن ففتش عليه في موضعه بما يصلح له من هذه الأدوات والكلاليب التي ذكرت في إخراج الأصول ونستعين بجفت هذه صورتها

 

 

       
  يكون فيه بعض الغلظ قليلاً ليضبط به العظم فلا يفلت حتى يخرج العظم ونجبر الموضع بالأدوية الموافقة لذلك، فإن كان العظم فيه عفن يسير فاجرده من عفنه وسواده حتى ينقى ثم عالجه حتى يبرأ (9)
«.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 


         في حال انكسار التاج أثناء القلع وبقاء الجذور نتداخل على الجذور برافعة باين المستقيمة التي شكلها :


 

         أو برافعة بوت ( للفك السفلي ) والتي شكلها :

 

         أو برافعة كرايير والتي شكلها :

 

         أو بكلابة الجذور والتي شكلها :

للفك العلوي

 

 

وشكلها للفك السفلي

 

         فإذا تم قلع الجذر بواسطة الأدوات السابقة فبها، وإن لم نتمكن من القلع نقوم بفتح شريحة لثوية ، ثم نتابع القلع بالروافع السابقة .

 

         & نلاحظ تطابقاً واضحاً بين طريقة الزهراوي والطرق الحديثة :

 

    فالروافع التي اعتمدها تشبه الروافع الحديثة

    والكلابة التي قال أنها تشبه فم الطائر تشبه كلابة الجذور

    كما أنه تحدث عن فتح شريحة لثوية لإجراء القلع

    ثم أنه في الختام تحدث عن حالة بقاء عظم تفتت ضمن الفك تسبب بالتهاب عظم ونقي، فأشار بإزالته ثم تطبيق الأدوية المناسبة .

    وهذا ما نفعله الآن مع اختلاف في تركيب الأدوية طبعاً .

 

+ + + +

 

 

نشر الأسنان النابتة على غيرها

 

         & يقول الزهراوي في هذا الموضوع :

 

         » الأضراس إذا نبتت على غير مجراها قبحت بذلك الصورة ولا سيما إذا حدث ذلك في النساء والرقيق فينبغي أن تنظر فإن كان الضرس قد نبت من خلف ضرس آخر ولم يتمكن نشره ولا برده فاقلعه وإن كان ملصقاً بضرس آخر فاقطعه بهذه الآلة التي هذه صورتها :

         وهي تشبه المنقار الصغير ولتكن من حديد هندي حادة الطرف جداً ويكون قطعك له في أيام كثيرة لصلابة الضرس ولئلا تزعزع غيرها من الأضراس، وأما إن كان ناتياً ممكناً لبرادته فابرده بمبرد من حديد هندي هذه صورته :

 

         يكون كله من حديد هندي رقيق النقش جداً كالمبرد الذي تضع به الإبرة، تبرد به الضرس قليلاً قليلاً في أيام كثيرة برفق لئلا تزعزع الضرس فيسقط ثم تملسه آخراً وتجرده ببعض المجارد، وإن كان ضرس قد انكسر منه بعضه فكان يؤذي اللسان عند الكلام فينبغي أن تبرده أيضاً حتى تذهب بخشونة ذلك الكسر ويستوي ويملس ولا يؤذي اللسان ولا يفسد الكلام (10) «.

 

         & وإذا انتقلنا إلى ما يقوله المجوسي في مجال الأسنان الزائدة نجده يقول :

 

         » وربما نبت للأسنان سن زائد فينبغي أن تنظر فإن كان ذلك في أصل السن فينبغي أن تقلعه بالآلة التي تشبه المنقار ثم تبرده إن كان قد بقي منه شيء وإن كانت السن ليست هي في أصل السن بل خارجة عنه فينبغي أن تقلع بالكلابتين وإن زاد بعض الأسنان على ما ينبغي زيادة بينة فإنه قبيح فينبغي أن تبرد تلك الزيادة بالمبرد حتى تستوي مع سائر الأسنان، وتنقى الشطايا من العمور بالآلة التي تخلل بها الإنسان، فإن كان على الإنسان حَفَرْ فينبغي أن تحكه وتجرده بمجرد الأسنان فإنه يبرئ إن شاء الله تعالى (11) «.

         & وأما ابن سينا فيقول في تطاول الأسنان ما يلي :

 

         » يجب أن تؤخذ السن التي تطول بالإصبعين أو بالآلة القابضة ثم تبرد بالمبرد ثم يؤخذ من حب الغار والشب والزوائد الطويل ويستن به (12) «.

σσσ

 

 

المداخلة العلمية

 

         يمثل هذا الفصل جزءاً من الجراحة التجميلية في طب الأسنان، والمقصود بالأسنان النابتة هي الأسنان البازغة إلى فوق مستوى الأطباق، ففي الوقت الحاضر يمكن تقصير السن المتطاول عن حده الطبيعي قليلاً إن كان التطاول بسيطاً وهذا ما أشار إليه الأطباء الأقدمون في هذا الفصل .

         وأما إن كان التطاول كبيراً فنلجأ إلى التقويم السني أو العظمي .

         & وقد نقوم بسحل الحد القاطع لبعض الأسنان لإعطائها شكل تجميلي، كقطع الحد القاطع للناب لإعطائه شكلاً يشبه الرباعية في حال فقدان الرباعيات .

         & وبالنسبة لبرد الأسنان المكسورة فهو مطلوب حيث يتم الآن تشذيب بعض الحافات المكسورة منعاً من تخريش اللسان أو الشفاه، طبعاً مع اختلاف الأدوات  المستعملة .

         & وفي حال الأسنان الزائدة فقد يتم جرفها تقويمياً إلى مكان مناسب، وقد تقلع إذا لم نجد لها مكان في القوس السنية وكان قلعها لا يؤثر على فيزيولوجية المضغ .

         & وأما الحَفَر الذي أشار إليه المجوسي فهو تصبغات سوداء مجهولة السبب      لا يتعد  علاجها عما ذكره من  كشطها وتنظيفها يدوياً باستخدام  أدوات خاصة أو آلياً

باستخدام  رأس مطاطي .

+ + + +

 

 

تشبيك الأضراس المتحركة

 

         & يقول الزهراوي :

 

         » إذا عرض للأضراس القدامية تزعزع وتحرك عن ضربة أو سقطة لا يستطيع العليل العض على شيء يؤكل لئلا تسقط وعالجتها بالأدوية القابضة فلم ينجح فيها العلاج فالحيلة فيها أن تشد بخيط ذهب أو فضة والذهب أفضل لأن الفضة تتزنجر وتعفن بعد أيام والذهب باقٍ على قدر ما يسع بين الأضراس وصورة التشبيك أن تأخذ الخيط وتدخل انثناءه بين الضرسين الصحيحين ثم تنسج بطرفي الخيط بين الأضراس المتحركة واحدة كانت أو أكثر حتى تصل بالنسج إلى الضرس الصحيح من الجهة الأخرى ثم نعيد النسج إلى الجهة التي بدأت منها وتشد يدك برفق، وأحكمه حتى لا تتحرك البتة، ويكون شدك الخيط عند أصول الأضراس لئلا يفلت، ثم تقطع طرفي الخيط الفاصل بالمقص وتجمعها وتفتلهما بالجفت وتخفيهما بين الضرس الصحيح والضرس المتحرك لئلا تؤذي اللسان، ثم تترك هكذا مشدودة ما بقيت فإن انحلت أو انقطعت شددتها بخيط آخر فيستمتع بها هكذا الدهر كله، وقد ترد الضرس الواحد أو الاثنين بعد سقوطهما في موضعها وتشبك كما وصفنا وتبقى، وإنما يفعل ذلك صانع درب رفيق، وقد ينحت عظم من عظام البقر كما قلنا فيبقى ويستمتع بذلك (13) «.

 

         & وأما ابن سينا فيقتصر على المعالجة الدوائية باستخدام القوابض إذ يقول :

 

         » قد تقلق السن بسبب باد من سقطة أو ضربة، وقد يقع من رطوبة ترخي العصب الشاد للسن وتكون السن مع ذلك سمينة لم تقطف وقد يقع التآكل ويعرض لمنابت الأسنان فيوسعها أو يدقق السن بما ينقص منها أو لانثلام الدرد، وقد يقع الضمور يعرض في الأسنان ليبس غالب كما يعرض للناقهين والمشايخ والذين جاعوا جوعاً متوالياً وقصر عنهم الغذاء وقد يقع لقصور لحم العمور .

 

       المعالجات :

         يجب أن يجتنب المضغ بتلك السن، ويقل الكلام ولا يولع بها بيد أو لسان وبالجملة يترك المضغ إلى الحسو ما أمكن .

·           فإن كان السبب تآكلاً : عولج التآكل واستعمل القوابض المسددة من الأدوية السنية مضمضات ودلوكات وغير ذلك .

·           وإن كان السبب ضموراً تدورك بالأغذية على أن هذا مما يعسر تلافيه ثم تعالج بمرطبات الصاقاً ودلكاً وقطوراً في الأذن مثل دهن الورد والخلاف وعصارة ورق عنب الثعلب بل بالقوابض .

·           وإن كان لضمور السن : لم تنجح الأغذية فإنها لا تكاد تسمنها بسرعة بل يجب أن تعالج بالأدوية القابضة الباردة وكذلك إن حدث عند ضربة .

·           فإن حدث عن رطوبة مرخية : وجب أن تعالج بالقوابض المسخنة كالمضمضة بماء طبخ فيه السدر وورق السرو أو نبيذ زبيب طبخ فيه الشب بنصفه ملحاً أو ماء طبخ فيه السكبينج .

·                               والذي يكون بسبب نقصان لحم العمور : يؤخذ له شب يمان رعود محرق وسعد وجلنار وسماق (14) «.

 

 

σσσ

 

 

المداخلة العلمية

 

              إن قلقلة الأسنان في ضوء العلم الحديث فقد تحدث لأحد الأسباب التالية:

1)                                               سقطة أو ضربة تعرض لها السن .

2)                التهاب النسج الداعمة للسن و الذي ينشأ عن تراكم القلح الذي أدى إلى التهاب في اللثة و في العظم مما قد يتظاهر بتراجع لثوي و جيوب عظمية حيث يتآكل العظم بشكل أفقي أو عمودي معرضاً السن للقلقلة .

3)                خراج سني ناشئ عن تعفن أحد الأسنان و اندفاع القيح باتجاه الذروة مما يحدث تآكلاً في العظم و يحدث امتصاصاً في الجذر مما يعرض السن للقلقلة.

4)                                               قد يحدث امتصاص في الذروة مع التقدم في السن مما يسبب حركة سنية .

 

         & بالنسبة لعلاج القلقلة ذات المنشأ الرضي والحادثة عن سقطة أو ضربة فيكون بتثبيت السن بجبيرة سلكية من أسلاك غير قابلة للصدأ لمدة شهر وهذا الإجراء كفيلٌ بعودة السن إلى وضعه الطبيعي .

         ونلاحظ أن الزهراوي انفرد بالكلام عن هذا الإجراء ووصف الجبيرة السلكية وصفاً دقيقاً صحيحاً .

         & بالنسبة لعلاج القلقلة التي تنشأ من التهاب النسج الداعمة فيكون بتنظيف القلح جيداً إضافة لتغطية دوائية مناسبة مما يعيد السن إلى حالته الطبيعية غالباً .

         & وأما القلقلة الناتجة عن جراج سني فيجب إجراء معالجة عفنة السن مع تغطية دوائية مناسبة وبعدها سيعود السن لحاله الطبيعي .

         نلاحظ أن ابن سينا تكلم عن توسع منابت الأسنان ولعله يشير إلى تآكل العظم بسبب آفة نسج داعمة أو خراج سني سماه ( رطوبة مرخية ).

         ونلاحظ أنه تكلم عن ( تآكل يدقق السن بما ينقص منها ) مشيراً إلى الامتصاص الدوري وتكلم عن ( نقصان لحم العمور ) مشيراً للتراجع اللثوي الناشئ عن التهاب النسج الداعمة وأما معالجات ابن سينا فقد أصاب بتجنب المضغ على السن المتقلقلة وعدم تحريكها باليد أو اللسان .

         لكنه باقتصاره على الأدوية القابضة دون اعتماد الجبيرة السلكية فقد أغفل جانباً هاماً في العلاج .

 

+ + + +

 

 

قطع الرباط تحت اللسان ( لجيم اللسان )

 

         & يقول الزهراوي :

 

         » قد يكون هذا الرباط الذي يعرض تحت اللسان إما طبيعياً يولد به الإنسان، وإما أن يكون عرضياً من جرح قد اندمل.

         والعمل فيه : إن افتح فم العليل ورأسه في حجرك وترفع لسانه ثم تقطع ذلك الرباط العصبي بالعرض حتى ينطلق اللسان عن إمساكه . فإن كان فيه بعض الصلابة والتعقد وكان ذلك من اندمال جرح فالقي فيه ضارة حتى ينبتر الرباط وتنحل العقد، واحذر أن يكون الشق في عمق اللحم فتقطع شرياناً هناك فيعرض النزف، ثم يتمضمض قي أثر القطع بماء الورد أو بالخل والماء البارد، ثم ضع تحت اللسان فتيلاً من كتان يمسكها العليل في كل ليلة لئلا يلتحم ثانية، فإن حدث نزف دم فضع على المكان زاجاً مسحوقاً، فإن غلبك الدم فاكو الموضع بمكواة عدسية تصلح لذلك ثم عالجه بسائر العلاج حتى    يبرأ (15) «.

 

         & وأما المجوسي فيقول :

 

         » إذا كان تعقد اللسان طبيعياً وكان ذلك من قبل غلظ الرباطات فينبغي أن تعقد العليل بين يديك على كرسي وتفتح فاه وترفع لسانه إلى فوق جيداً أو تقطع ذلك الرباط العصبي عرضاً بالمبضع وإن كان إنما حدث ذلك من قبل اندمال قرحة فينبغي أن تدخل السنارة في تلك العقدة التي من اندمال القرحة وتمض بها إلى فوق وتشقا عرضاً حتى يبرأ التعقد وتتوقى من يقع الشق في عمق اللحم فيصيب المبضع الشريان فربما عرض من ذلك نزف الدم حتى لا يكاد ينقطع سريعاً ثم تمضمض العليل بعد العلاج بخل وماء ثم بماء اللحم فيبرئ الجرح من غير أ ن يتقبض ويشد (16) «.

 

         & و يتحدث ابن سينا عن قصر اللسان فيقول :

 

» قد يعرض لاتصال الرباط الذي تحته برأس اللسان و طرفه فلا يدع للسان ينبسط و قد يعرض على سبيل التشنج . ( المعالجات ) : أما الكائن بسبب التشنج فقد قيل فيه و أما الكائن بسبب قصر الرباط فعلاجه قطع ذلك الرباط من جانب طرفه قليلاً و تدارك الموضع بالزاج المسحوق ليقطع الدم و مبلغ ما يحتاج إليه من قطعه في إطلاق اللسان أن ينعطف إلى أعلى الحنك و أن يخرج من الفم و إن لم يجسر على قطعه بالحديد تقية وخوفاً من انفجار دم كثير جار أن يدخل تحت الرباط أبره بخيط خارم فيحزم من غير قطع ويجعل على العضو ما يمنع الالتصاق وهي الأدوية الكاوية  الحادة وإن رفق في قطعه مع تعهد العروق التي تحت اللسان كي لا يصيبها قطع يسبب سيلان دم مفرط (17) «.

 

 

σσσ

 

 

المداخلة العلمية

 

         إن الحديث في هذه المقالة تناول موضوع لجيم اللسان الذي يربط اللسان بشكل زائد من أسفله، مما يحد في حركته .

         ونتعامل حالياً مع لجيم اللسان  بطريقة الشق الجراحي المشابه لما وصفه الأطباء العرب .

         & كما أن الأطباء العرب كانوا على حذر من الوصول إلى الشريان اللساني في حال المبالغة في القطع .

         & واقترح الزهراوي الكي بالحرارة لإرقاء النزف مما يعطي تأثير مشابه للكاوي الكهربائي المستخدم اليوم .

 

 

+ + + +

 

  

عقد اللسان ( الضفيدعة )

 

         & يقول عنها المجوسي :

 

         » سببها رطوبة غليظة لزجة تجتمع وتنعقد . وعلاجها : أن يدمن من دلكها بالنوشادر والعفص المسحوقين ناعماً أو يؤخذ جزء من المزاج المحرق وجزء من السورنجان يسحقان ناعماً ويعجنان ببياض البيض وتترك تحت اللسان فإذا دلكت اللسان الذي تحته الضفدع بقشور الرمان والملح والسعتر فإنه يبريه فإن أزمن فبالدواء المذكور في باب اللثة الدامية وإلا فبالحديد يؤخذ بأن يعلق بسنارة وتكشط ويتمضمض العليل بخل ودهن ورد ويعالج موضعه بعلاج القرحة (18) «.

 

         & ويتحدث ابن سينا عنها فيقول :

 

         » وهو شبه غدة صلبة تكون تحت اللسان شبيهة اللون المؤتلف من لون سطح اللسان والعروق التي فيه بالضفدع . وسببه : رطوبة غليظة لزجة.

          المعالجات : يجرب عليه الأدوية الأكالة المقطعة المحللة والتي فيها فضل تجفيف مثل النوشادر والخل والملح والدلك بالزنجار والزاج، فإن لم ينجع استعملت الأدوية الحادة مثل دواء بيرون ودواء أسفاريون ودواء البيض الرطب المذكور في الأقرباذين واستعمال الفصد تحت اللسان وأدوية القلاع القوي فإن لم ينجح لم يكن بد من عمل اليد، ومن الأدوية الممدوحة فيه أن يؤخذ الصعتر الفارسي وقشور الرمان والملح ويدلك به لسان الصبي المضفدع فإنه يبريه ومما جرب فيه الزاج المحرق والسورنجان يجمعان بياض البيض ويوضع تحت اللسان (19) «.

         & بينما يعرض الزهراوي موضوع الضفيدعة مع إعطاء تشخيص تفريقي عن الورم تحت اللسان فيقول :

         » قد يحدث تحت اللسان ورم يشبه الضفدع الصغير يمنع اللسان عن فعله الطبيعي وربما عظم حتى يملأ الفم، والعمل فيه أن تفتح فم العليل بإزاء الشمس وتنظر إلى الورم فإن رأيته كمد اللون أو أسود صلباً لا يجد له العليل حساً فلا تتعرض له فإنه سرطان، وإن كان مائلاً إلى البياض فيه رطوبة فألق فيه السنارة و شقه بمبضع لطيف وخلصه من جهة فإن غلبك الدم في حين عملك فضع عليه زاجاً مسحوقاً حتى ينقطع الدم، ثم عد إلى عملك حتى تخرجه بكامله ثم يتمضمض بالخل والملح ثم تعالجه بسائر العلاج الموافق لذلك حتى يبرأ (20) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         يمثل هذا الفصل حالة ما يسمى حالياً الضفيدعة ( RANULA )، وتنشأ عن الغدة اللعابية تحت الفكية وتظهر بشكل انتباج مزرق شفاف وتحتوي على اللعاب مع زيادة في التروية الدموية لجدار الكيسة وإذا تمزقت الضفيدعة فإن السائل اللعابي ينسكب منها إلا أنها تميل للنكس ثانية، لذلك فأفضل علاج لها هو الاستئصال الجراحي مع وضع مفجر .

         & نلاحظ أن الزهراوي ميز الضفيدعة عن سرطان اللسان وأوصى بعدم التعرض للسرطان كما أنه اشترك مع المجوسي في ضرورة إجراء الشق الجراحي للضفيدعة بينما اقتصر ابن سينا على العلاج الدوائي .

 

+ + + +

 

عِظَمُ اللسان

 

         & يقول المجوسي :

         » وأما عظم اللسان جميعه وسببه إما دم غالب أو رطوبة بلغمية أو دموي عن مادة حارة، فالفصد والإسهال ويدام دلكه بالمقطع الحامضة القابضة كماء البصل ورب الريباس وحماض الأترج (21) «.

 

         & ويقول ابن سينا في هذا المجال :

 

         » قد يكون عظم اللسان من دم غالب وقد يكون من رطوبة كثيرة بلغمية مرخية مهيجة وقد يعظم كثيراً حتى يخرج من الفم ولا يسعه الفم وهذا العظم قد أفردنا ذكره من باب الورم .

          المعالجات : أما الدموي والكائن من مادة حارة فيعالج بأن يدام دلكه بالمقطعات الحامضة والقابضة مثل الريباس وحماض الأترج والكائن عن الرطوبات فبأن يدام دلكه بالنوشادر والملح مع مصل وخل بعد الإستفراغات أو يؤخذ زنجبيل وفلفل ودار فلفل وملح أندراني يدق جيدأ ويدلك منه اللسان فيعود إلى حجمه ويدخل الخارج منه . واسترخاء السان إذا عرض للصبيان كفى المهم فيه الحمية  والتغذية بالعصافير والنواهض وقد احتجم إنسان فضرب المبضغ ليف عصب في جوار الغشاء المتصل باللسان فأرخى اللسان (22) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         إن مصطلح عِظَم اللسان أصبح يسمى اللسان العرطل وينجم عن أحد الأمراض التالية :

1)                                               ورم لمفاوي : وهو ما أشار إليه المجوسي وابن سينا بوصفه رطوبة بلغمية .

2)                                               ورم عرقي دموي : وهو ما أشار إليه الطبيبان السابقان بكونه تجمع دموي.

3)                                               أورام اللسان الخبيثة : وانسداد الأوعية اللمغاوية بسببها .

4)                                               الوذمة المخاطية عند الأطفال: وهو ما أشار إليه ابن سينا بقوله ( استرخاء اللسان إذا عرض للصبيان )

 

         & بالنسبة للعلاج الحديث لفخامة اللسان أو اللسان العرطل :

 

         فإذا كان الورم دموي أو اللمفاوي قد تناول جزءاً من اللسان، يتم استئصال جراحي له مع أخذ الاحتياطات اللازمة في حال حدوث نزف غزير .

         وأما إذا كان الورم قد تناول اللسان كاملاً فلا يتم أي تداخل جراحي بل يكتفي بالمعالجة الدوائية المخففة للحالة .

         & ولعلَّ ما أشار إليه الأطباء العرب من إجراء الفصد أن يكون على سبيل تخفيف الضغط الدموي الزائد مما قد يحسن حالة الورم العرقي الدموي .

 

+ + + +

 

 

كسر اللحى

 

         تناول الطب العربي الإسلامي الكسور الفكية تشخيصاً وعلاجاً من خلال       ما سنعرضه فيم يلي :

 

         & يقول ابن سينا في كتاب القانون في الطب :

 

         » فصل في كسر اللحى :

·           إن انقصع إلى داخل ولم يتقصف باثنتين فأدخل إن انكسر اللحى الأيمن : السببابة والوسطى من اليد اليسرى في فم العليل .

·           وإن انكسر اللحى الأيسر : فمن اليد اليمنى وارفع بهما حدبة الكسر إلى خارج من داخل واستقبلها بليد الأخرى من خارج وسوِّه، وتعرف استواءه من مساواة الأسنان التي فيه .

·           وأما إن تقصَّف اللحى باثنتين فامدده من الجانبين على المقابلة بخادم يمده وخادم يمسك ثم يعبر الطبيب إلى تسويته على ما ذكرنا واربط الأسنان التي تعوجت وزالت بعضها ببعض .

فإن كان عرض مع الكسر جرح أو شظية عظم بنخس فشق عنه أو أوسعه وانزع الشظية واستعمل فيه الخياط والرفائد والأدوية الملحمة بعد الرد والتسوية .

 

         & ورباطه يكون على هذه الجهة يجعل وسط العصابة على نقرة القفا ويذهب بالطرفين من الجانبين على الأذنين إلى طرف اللحى، ثم يذهب به أيضاً إلى نقرة ثم إلى تحت اللحى على الخدين إلى اليافوخ، ثم تمر منه أيضاً إلى تحت النقرة، وليوضع رباط آخر على الجبهة وخلف الرأس ليشد جميع اللف الذي لف، ويجعل عليه جبيرة خفيفة وإن انفصل اللحيان جميعاً من طرفها فليمد بكلتا اليدين قليلاً ثم يقابلان ويؤلفان وينظر إلى تآلف الأسنان وتربط الثنايا بخيط ذهب لئلا يزول التقويم ويوضع وسط الرباط على القفا، ويجاء برأسه إلى طرف اللحى ويأمر العليل بالسكون والهدوء وترك الكلام ويجعل غذاؤه الأحساء، وإن تغير شيء من الشكل فحل الرباط إلا أن يعرض ورم حار فإن عرض فلا تغفل عن الأضمدة التي تصلح لذلك مما يسكن ويحلل باعتدال وعظم الفك يشتد كثيراً قبل الثلاثة الأسابيع لأنه لين وفيه مخ كثير يملؤه (23) «.

 

         & ويتكلم المجوسي عن جبر اللحى الأسفل فيقول :

 

         » متى انكسر اللحى الأسفل من خارج ولم ينفصل ما انكسر، فينبغي أن تنظر فإن كان الكسر في الفك الأيسر فينبغي أن تدخل الإصبع اليسرى من اليد اليسرى والسببابة في الفك وترفع بهما الحادث في الفك إلى خارج حتى يستوي وتسويه على شكله من خارج باليد اليمنى، وإن كان الكسر في الفك الأيمن فادخل أصابع اليد اليمنى وافعل بها مثل ما ذكرت لك، وأنت تعرف رجوع الفك إلى حالة من استواء الأسنان التي فيه ورجوعها إلى أصلها الطبيعي . فإن انكسر اللحى واندار ما انكسر، فينبغي أن تستعمل المدَّة من الناحيتين بمعاونة بعض الخدم لك حتى ترده إلى حقه وشكله، وينبغي أن تشد الأسنان التي في اللحى المكسور برباط من ذهب أو فضة بعضها إلى بعض إن أمكن ذلك، فإن لم يمكن فتربط بخيوط إبريسم مفتولة فتلاً جيداً، ثم تستعمل الرباط الذي ينبغي أن يربط وهو أن تصير وسط الرباط إلى القفا وتمد الطرفين من الجانبين وتمر بهما على الأذنين إلى أن يصير اللحى إلى محله ثم تديرها ثانية إلى ناحية القفا وتمدها ثانية إلى تحت اللحى وتصعد بهما إلى فوق الخدين وتربط على اليافوخ وتعصب الجبهة بعصابة تمر على الرباط إلى خلف الرأس (24) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         يتكلم الطبيبان عن علاج جسر الفك السفلي المتبدل .

         ويميزان في هذه الكسور حالتين أتعامل معهما في الطب الحديث كما يلي :

         أ ) كسر فك سفلي متبدل بشكل طفيف : وعندها يكفي الرد الإصبعي بالسببابة والوسطى حتى انطباق الأسنان العلوية على السفلية بشكل دقيق ثم تثبت الأسنان بأسلاك معدنية مع قوس معدني اسمه قوس ( إيريك ) يثبت على الأسنان العلوية وآخر على الأسنان السفلية ثم يربط القوسان إلى بعضهما بأسلاك تغلق الفم تماماً ويتغذى المريض بالسوائل فقط .

         ب) كسر فك سفي متبدل بشدة : حيث أن شقي الكسر قد انحرفنا بشدة إلى الاتجاه الأمامي الخلفي أو السفلي، وهذه الحالة أيضاً يجب ردُّها بشكل مشابه للحالة السابقة لكنها تحتاج لجهد أكبر وفي بعض الحالات نعمد إلى تثبيت قوس إيريك على الأسنان العلوية وقوس إيريك آخر على الأسنان السفلية ثم نضع حلقات مطاطية تربط القوسين ببعضهما وتجر الفك المتبدل بالاتجاه الصحيح ثم بعدها يثبتان بعضهما بالأسلاك عند استواء الأطباق .

         & بعد تثبيت أسنان الفكين بالأسلاك جيداً نضع مقلاع ذقني يسمى مقلاع بارتولان من الشاش العادي أو القماش المطاطي يمر من تحت الذقن ويتصالب في قمة الرأس أو يلف حول الجبين زيادة في التثبيت .

         & مدة التثبيت ( 3 –4 ) أسابيع .

         & أماني حال اتصال العظم المكسور مع جوف الفم أو السطح الخارجي للوجه بوساطة جرح في الجلد أو مخاطية الفم فيسمى الكسر المركب وفي هذه الحالة يجب إزالة شظايا العظمية المتفتتة لأنها تسبب التهاب عظم ونقي ويضمد الجرح بشكل ملائم مع تغطية دوائية بالصادات الحيوية .

         & وبمقارنة بسيطة بين ما كتبه الأطباء الأوائل وبين الطب الحديث في مجال الكسور الفكية نلمس الجوانب العلمية التالية :

1)                                               طريقة الرد الإصبعي التي اتبعها الأطباء العرب المسلمون هي نفس الطريق الحالية .

2)                اعتمد الأطباء العرب على ربط الأسنان بعد تسويتها إلى بعضها بخيوط الذهب وهذا ما نفعله الآن بأسلاك فولاذية خاصة .

3)                                               بعد الرد كانوا يربطون الفك السفلي إلى الرأس برباط قماشي وهذا ما نفعله الآن بالرباط المطاطي .

4)                                               أشار ابن سينا أن فترة التثبيت ثلاثة أسابيع وهي فترة كافية علمياً لالتحام الكسر .

5)                                               أشار ابن سينا إلى حالة الكسر المركب المنفتح إلى الجلد واهتم بإزالة الشظايا العظمية .

6)                أشار ابن سينا إلى ضرورة حل الرباط القاسي إن تغير شيء من الشكل لإشارة منه إلى الوذمة التي قد تحصل بعد الكسر .

 

         & مما سبق نستنتج أن الأطباء العرب المسلمون تعاملوا مع الكسور الفكية تعاملاً علمياً يكفل التحام الكسور بشكل صحيح دون أي عواقب جانبية تقريباً .

 

 

+ + + +

  

 

الأورام اللثوية

 

         & يقول الزهراوي في هذا الموضوع :

 

         » كثيراً ما ينبت على اللثة لحم زائد تسميه الأوائل أبولس، فينبغي أن تعلقه بضارة أو تمسكه بمنقاش وتقطعه عند أصله وتترك المدة (25) تسيل أو الدم ثم تضع على الموضع زاجاً مسحوقاً أو أحد الذرورات القابضة المجففة فإن عاد ذلك اللحم بعد العلاج فكثيراً ما يعود فاقطعه ثانية واكوه فإنه لا يعود بعد الكي (26) «.

 

         & وأما الرازي فيتناول ورم اللثة بشكل مختلف إذ يقول :

 

         » إن كانت اللثة وارمة بورم حار فعليك بالفصد وإمساك الخل والماورد ودهن ورد في الفم (27) «.

 

         & ويعرض المجوسي موضوع اللحم الزائد بشكل مشابه للزهراوي إذ يقول:

 

         » أما بولس فإنه لحم زائد ينبت في جوانب الأسنان وعلاجه  أن يعلق بمنقاش أو بسنارة وتقطع بالمبضع، فأما فارولس فهو خراج صغير ينبغي أن يشق بمبضع حتى تخرج منه المدة أو يقوَّر ثم يتمضمض بعده بخل وماء وشيء من شراب ثم بعد ذلك بماء ورد ودهن  ورد ومن بعد ذلك يتمضمض بماء وعسل ويكبس في الموضع ما بين المبلول والناشف (28) «.

          & ثم يتكلم في موضع آخر عن أورام اللثة فيقول :

 

         » إذا ظهر في اللثة بثر أو ورم ورأيت الدم يخرج منها فاستعمل فصد القيفال أو الحجامة فإن عادت العلة فاقطع لصاحبه عرق الجهارك أو تفصد العرقين اللذين تحت اللسان، وأنق بدنه بدواء مسهل كالمطبوخ وأمر العليل أن يتمضمض بالسماق الممروس في ماء الورد وغذه بالأغذية اللطيفة وبلحوم الفراريج معمولة بماء الرمان (29) «.

 

 

         & وأما ابن سينا فيعطي علاجاً دوائياً للحم اللثة الزائدة فيقول :

 

         » فصل اللحم الزائد في اللثة : يجعل عليه قلقنت ومر فإنه يذهبه ويزيله (30)«.

 

         & ثم يتكلم ابن سين عن ورم اللثة فيقول :

 

         » اللثة تعرض لها الأورام بسبب مادة تنزل إليها في أكثر الأمر من الرأس وقد يكون بمشاركة المعدة وقد يعرض لها أورام في ابتداء الاستسقاء وعروض سوء القنية لما يتصعد إليها من الأبخرة الفاسدة ويستدل على جنس المادة باللون واللمس وقد يكون منه ظاهر قريب سريع القبول للعلاج وغائر بعيد بطيء القبول للعلاج، وقد يكون مع حمى.

         المعالجات : إن كانت المادة فضلة حارة استعمل الاستفراغ وفصد الجهارك وعولج في الابتداء بالممضمضات المبردة وفيها قبض مثل ماء الدرر واللبن الحامض، وماء الآس .

v                   فإن كان الورم الحر غائراً ويسمى باروليسر ولا يتحلل بالأدوية بل يتقيح فربما احتيج إلى علاج الصديد وربما أدى جوهره إلى إنبات لحم جديد فإذا قاح استعمل عليه الزنجبار والعفص أو قشور النحاس مسموقة بالخل.

v                   وإذا كانت اللثة لا تزال تنتفخ وترم ولا تبرأ احتيج إلى كي بأن يؤخذ الزيت المغلي بصوفه ملفوفة على ميل مراراً حتى تضمر وتبيض .

v                   وإذا كان الورم من رطوبة فضلية وجب في الابتداء أن يتمضمض بالأدهان الحارة وبالعسل والزيت والرب ثم يستعمل المحللات القوية المذكورة كثيراً (31) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         » البثعة ( EPULIS ): آفة شبيهة بالأورام تنشأ على اللثة و لها قاعدة عرضية تمتد ضمن النسج ما حول السنية .

         تعالج البثعة : بالاستئصال الجراحي لكن معدل النكس ( 5 % ) و يؤدي قلع السن المرتبط بالبثعة إلى تقليل النكس .

         تقسم البثعات إلى عدة أقسام أهمها :

1)                البثعة ذات الخلايا العرطلة ( الورم الحبيبي المحيطي ذا الخلايا العرطلة ) : تتألف من ألياف غرائية و أعداد غزيرة من الأوعية الدموية الشعرية ، فهو ورم نازف .

2)                                              البثعة الليفية ( الورم الليفي اللثوي ).

3) البثعة متسعة الأوعية أو ( الورم الحبيبي القيحي ): تتألف من ألياف غرائية و أوعية دموية و رشحة التهابية غنية تغلب عليها الكريات البيضاء (32) «.

         & نلاحظ أن الزهراوي والمجوسي أشارا إلى البثعة بوضوح وقاما باستئصالها جراحياً لكن الزهراوي فصَّل في نوعي البثعة فقال :

         ( تترك المد تسيل منه أو الدم ) إشارة إلى النوع الأول من البثعة الذي يسيل منه الدم والنوع الثالث من البثعة الذي يسيل منه القيح والدم .

         وأما الكي بعد الاستئصال فهو إجراء خاص بالزهراوي لم يجرب حديثاً في هذا الورم الليفي .

         & وكذلك فقد أشار المجوسي إلى الخراج اللثوي : الذي ينشأ عن اندخال أجسام أجنبية ضمن الميزاب اللثوثي حول السني متظاهراً بتجمع مفرزات قيحية بشكل انتباج مؤلم . يعالج حديثاً : بالتجريف اللثوي الواسع الذي يسهم في تفجير الخراج ومن ثم إزالة الأجسام الأجنبية والكتل القلحية المسببة له مع تغطية دوائية مناسبة .

         & ونلاحظ أن المجوسي أشار إلى شق الخراج ثم أشار أن يقوَّر أي أن يجرَّف مما يشبه من حيث النتيجة عملية التجريف اللثوي .

         & أما بالنسبة للضخامة اللثوية الالتهابية فقد اشترك معظم الأطباء العرب : إلى ضرورة الفصد ومنهم الرازي والمجوسي وابن سينا، كما أنهم وضعوا وصفات دوائية نباتية مرافقة للفصد كالسماق وماء الرمان وماء الآس واللبن الحامض ورغم اختفاء الفصد من الطب الحديث لكن المعالجات النباتية والمضامض التي وصفها الأطباء العرب جديرة بالبحث عن فوائدها العلاجية في تقبيض اللثة أو تطهيرها وقتل الجراثيم اللثوية المسببة للإلتهاب .

         & اقترح ابن سينا لعلاج الخراج اللثوي الناكس إجراء الكي بالزيت المغلي بعد غمس صوفة فيه ووضعها على اللثة مراراً .

         قد يكون النجاح الذي لاحظه ابن سينا من هذه الطريقة بقتل الجراثيم بفعل حرارة الزيت المغلي، إضافة إلى أن عملية الكي للنسج اللثوي ستؤدي إلى انكماش لثوي بعد الشفاء مما قد يحسن حالة المريض لأن اللثة المتضخمة تشكل بيئة مناسبة لنمو وتكاثر الجراثيم .

 

+ + + +

  

 

جرد الأسنان بالحديد

 

         & يقول الزهراوي :

 

         » قد يجتمع في سطوح الأسنان من داخل ومن خارج وبين اللثات قشور خشنة قبيحة، وقد تسود وتصفر وتخضر حتى يحصل من ذلك فساد إلى اللثة وتقبح الأسنان لذلك، فينبغي أن تجلس العليل بين يديك ورأسه في حجرك وتجرد الضرس والسن الذي ظهر لك فيه القشور والشيء الشبيه بالرمل حتى لا يبقى منه شيء وكذلك تفعل بالسواد والخضرة والصفرة وغير ذلك حتى تنقى، فإن ذهب ما فيها من أول الجرد وإلا فتعيد عليه الجرد يوماً آخر وثانياً وثالثاً حتى تبلغ الغاية فيما تريد  واعلم أن الضرس يحتاج إلى مجار مختلفة الصور كثيرة الأشكال على حسب ما يتهيأ لعملك من أجل أن المجرد الذي يجرد به  الضرس من داخل غير الجرد الذي يجرد به من خارج، والذي يجرد به بين الأضراس على صورة أخرى (33) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         » تشكل الترسبات القلحية أحد أهم أسباب المرض اللثوي والتهابات النسج الداعمة عموماً حيث أنها كتل تتركب من أملاح معدنية بأشكال بلورية ويكون لونه أصفر مبيض وقد يتحول لونه إلى البني بسبب الأغذية أو التدخين وتكون كميات القلح واسعة بالقرب من فتحات أقنية الغدد العابية .

         إن خشونة سطح القلم ذو أثر ضار على النسج ما حول السنية، كما أن لديه قدرة على تثبيت اللويحة الجرثومية ( PLAQUE ) فوقه مما يفاقم الالتهاب       اللثوي (33) «.

         & بمقارنة ما سبق مع كلام الزهراوي نلاحظ أنه وصف القلح وعرف أثره في فساد اللثة كما أنه أشار إلى ضرورة إزالته .

          إن وصفه لطريقة إزالة القلح، إضافة إلى تنوع إدارته حسب السطوح السنية وحسب مكان السن، كل ذلك يشير إلى النجاح التام والسبق العلمي الأصيل الذي حازه الزهراوي إذ أننا في القرن الحادي والعشرين لا نزال نتبع نفس الخطوات في إزالة الترسبات القلحية .

         ويشير الدكتور عبد الناصر كعدان أن هذا الفصل هو من الفصول الأصيلة والتي تنسب إلى الزهراوي نفسه، وذلك لأنه لم يذكره أحد من الأطباء الأوائل .

 

 

+ + + +

 

 

 

إخراج العقد التي تعرض في الشفتين

 

         & يقول الزهراوي :

 

         » قد يعرض لكثير من الناس في داخل شفاههم أورام صغار صلبة يشبه بعضها حب الكرسنة، وبعضها أو أكبر فينبغي أن تقلب الشفة وتشق على كل عقدة وتعلقها بالصنارة وتقطعها من كل جهة ثم تحشو الموضع بعد القطع بزاج مسحوق حتى ينقطع الدم ثم يتمضمض بالخل والملح وتعالج المواضع بما فيه قبض إلى أن تبرأ الجراحات (35) «.

 

         & وأما ابن سينا فيعرض أورام الشفتين بشكل مختلف إذ يقول :

 

         » فصل في أورام الشفتين وقروحهما : يجب أن يبتدأ فيها باستفراغ الخلط الغالب يستعمل الأدوية الموضعية أما الأورام فهي قريبة الأحكام من أورام اللثة وحاجتها إلى علاج أقوى قليلاً وأمس، وأما الأدوية الموضعية للقروح فيتخذ من القوابض مثل الهليلج، والحضض وبزر الورد، وجوز السرو، وأصل الكركم وربما وقع فيها دهنج وأظلاف المعز محرقة، وسعتر محرق ودخان مجموع والأشنة وأما الأدهان التي تستعمل فيها فدهن المشمش ودهن الجوز الهندي (36) «.

 

σσσ

 

المداخلة العلمية

 

         » يمثل هذا الفصل حالة الإصابة بالأكياس المخاطية MUCOUS CYST تحدث هذه الأكياس بسبب انغلاق القناة المفرغة لغدة مخاطية فتحدث ضخامة كروية تحوي على المفرزات المخاطية .

         ويغلب حدوثها في الشفة السفلية ويبلغ قطرها من 2 ملم إلى 2 سم .

         تعالج حديثاً : بعمل قطب حول الكيس لتعيين حدوده ثم نقوم بإزالة سطح الكيس بواسطة المشرط ونحافظ على الفتحة بدكها بوساطة شاش + يودفورم .

         وبعد فترة يلتحم الغشاء المخاطي .

         طريقة أخرى للعلاج : حقن الكيس بسيلكون طري حتى تتضح حدوده ثم نستأصله جراحياً بشكل كامل ثم ندك شاش مع يودفورم (37) «.

         & نلاحظ تشابه طريقة الزهراوي في الاستئصال مع الطريقة الحديثة تشابهاً واضحاً مع اختلاف بسيط في المواد التي توضع بعد العملية الجراحية .

  

+ + + +

 

  

الخـاتمـة

 

         نلاحظ مما تقدم عرضه مدى التفوق العلمي والسبق الحضاري الذي أحرزه العرب والمسلمون في مجال الجراحة الفموية، حيث أن غالبية  ممارساتهم الجراحية تطابقت من حيث المبدأ مع الطب الحديث .

         مما يدل أنهم استوعبوا الإرث العلمي القديم، ثم ما لبثوا أن صهروه قي بوتقة جديدة، وأضافوا عليه من تجاربهم وخبراتهم، تاركين مادة علمية غزيرة شكلت الأرضية الأساسية التي بنى عليها الطب الحديث بكل فروعه ونواحيه .

 

 

+ + + +

 

 

الهوامش

 

(1) عبد الناصر كعدان، الجراحة عند الزهراوي، دار القلم العربي، حلب، الطبعة الأولى

ص 104 .

(2) علي بن عباس المجوسي، كامل الصناعة الطبية، معهد تاريخ العلوم العربية الإسلامية،

جامعة فرانكفورت – ألمانيا – الجزء الثاني، ص 478               ( 1996م ).

(3) الحسين بن علي بن سينا، القانون في الطب، دار صادر، بيروت، ج 2 ، ص 192 .

(4) ابن سينا، القانون، ج 2 ، ص 103 .

(5) أبو بكر الرازي، الحاوي في الطب، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية بحيدر أباد

الهند، الطبعة الأولى ( 1375هـ - 1955م )، ج2 ، ص98 .

(6) أبو بكر الرازي، الحاوي، ج2 ، ص 103 .

(7) الرازي، الحاوي، ج2 ، ص 105 .

(8) سامي سلطان، 1992- قلع الأسنان، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية

جامعة حلب، الطبعة الأولى، ج2 ، ص ( 255 ، 256 ).

(9) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 107 ، 108 ، 109 ، 110 .

(10) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 112 ،113 .

(11) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 478 .

(12) ابن سينا، القانون في الطب، ج2 ، ص 193 .

(13) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 113 ، 114 .

(14) ابن سينا، القانون، ج2 ، ص 189 .

(15) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 115 .

(16) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 479 .

(17) المجوسي، كامل الصناعة، ج2 ، ص 178 .

(18) المجوسي، كامل الصناعة، ج2 ، ص 301 .

(19) ابن سينا، القانون، ج2 ، ص 180 .

(20) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 116 .

(21) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 301 .

(22) ابن سينا، القانون، ج2 ، ص 178.

(23) ابن سينا، القانون، ج3 ، ص 211 .

(24) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 504 .

(25) المدة : القيح .

(26) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 101 .

(27) الرازي، الحاوي، ج2 ، ص 103 .

(28) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 478 .

(29) المجوسي، كامل الصناعة الطبية، ج2 ، ص 304 .

(30) ابن سينا، القانون في الطب، ج2 ، ص 196 .

(31) ابن سينا، القانون في الطب، ج2 ، ص 194 .

(32) محمد عاطف درويش، أمراض النسج الداعمة، منشورات جامعة دمشق 1997

ص 358 .

(33) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 102 .

(34) محمد عاطف درويش، أمراض النسج الداعمة، ص 86 .

(35) كعدان، الجراحة عند الزهراوي، ص 100 .

(36) ابن سينا، القانون، ج2 ، ص 196 .

(37) عبد الإله طليمات، أمرض الفم الجراحية، ص 150 .

 

 

+ + + +

 

  

 

المصادر والمراجع

 

§       ابن سينا الحسين بن علي، القانون في الطب، دارصادر

                         بيروت، ثلاثة أجزاء

§      درويش محمد عاطف، 1997- أمراض النسج الداعمة، منشورات جامعة دمشق .

§      الرازي أبو بكر، 1955- الحاوي في الطب، مطبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية

حيدر أباد – الهند، الطبعة الأولى،جزءان .

§      سلطان سامي ، 1992- قلع الأسنان، مديرية الكتب والمطبوعات الجامعية

جامعة حلب، الطبعة الأولى، جزءان .

§      طليمات عبد الإله ،1997- أمرض الفم الجراحية، منشورات جامعة دمشق .

§      عنبري نزار، 1993- أمراض الفم، منشورات جامعة دمشق .

§      كعدان عبد الناصر ، الجراحة عند الزهراوي، دار القلم العربي

حلب، الطبعة الأولى .

§      المجوسي علي بن عباس ، كامل الصناعة الطبية، معهد تاريخ العلوم العربية

والإسلامية، فرانكفورت – ألمانيا .

 

 

+ + + +